هذا المقال موجه للرجال، وخاصة الشباب.أعلم أن المقال طويل بعض الشيء، لكنه مهم للغاية

أولًا: هؤلاء الأشخاص الذين يتبنون هذه الأفكار

انتشرت مؤخرًا سردية مشوهة تتعلق بالقوة والسيطرة والمال. إذ ترى كثيرين يتحدثون وكأن نجاحك يُقاس بعدد الملايين التي تجنيها شهريًا، وعدد السيارات الفارهة التي تملكها، مثل بنتلي أو بوجاتي، ويُروّجون لفكرة أن من لا يحقق ذلك فهو فاشل.

يقولون إنك إن لم تكن ترتاد صالة الألعاب الرياضية وجسدك لا يبدو بعضلات مفتولة، فأنت غير جدير. وإن كانت شريكتك أو زوجتك رأت هذه الممتلكات مع شخص آخر، فسوف تتركك لأجله، ويتبعون ذلك بالكثير من الترهات.

هؤلاء هم أمثال “مكاوي”، و”درة”، و”أندرو تيت”، ومن على شاكلتهم، أو ايضاً من يُعرفون بأنصار “الريد بيل” الذين يدّعون أن على الرجل ألا يحترم المرأة، وأنه يجب أن يكون الطرف المسيطر دائمًا، ولا يسمح لزوجته بأن تعمل أو تطور نفسها، لأن ذلك سيجعلها تتعالى عليه. ويزعمون أن الحب والمشاعر مضيعة للوقت، وأن من حق الرجل أن يقيم علاقات مع عدد لا نهائي من النساء، ولكن يجب أن تبقى له امرأة واحدة “ملكًا خاصًا”… إلى آخر هذا الخطاب المسموم.

ثانيًا: رأيي في هذه السردية، أختصره في ثلاث نقاط رئيسة:

1. إن كنت تسعى وتجتهد وتبذل أقصى جهدك في عملك، وتكافح لتلبية احتياجاتك الأساسية، فاعلم أنك لست فاشلًا ولا مخطئًا. البيئة والظروف المحيطة تلعب دورًا كبيرًا، ولكنك تحاول وتحارب، وهذا كافٍ لتُعدّ رجلًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومن يسير على هذا الطريق حتمًا سيصل إلى الأفضل، لا محالة.

2. رأينا في حياتنا نماذج حقيقية لرِجال أصابتهم مصائب الحياة وهم في أوج مجدهم، مثل مؤمن زكريا، الذي ألمّ به المرض وهو في قمة نجوميته، ولكن زوجته كانت بجانبه ولم تتركه، وظلت سندًا له.

وكثير من الرجال ابتلوا بأمراض قاسية، لكن نساءهم كنّ لهن نعم العون والدعم.

إذاً، ليست العضلات أو المظهر أو الجسد المثالي هو ما يجعل المرأة تبقى معك. المرأة التي تخونك أو تبيعك من أجل رجل آخر يملك مالًا أو جسدًا أفضل، ليست جديرة بك من الأساس. وإن فعلت ذلك، فهي أزالت عنك عبئًا لم تكن تستحقه.

3. أما أنصار “الريد بيل”:

الحب الحقيقي يظهر في احترام الشريك واحتوائه، والرغبة في رؤيته في مكانة مساوية أو حتى أعلى. ليس من علامات القوة أن تُقلل من شأن شريكتك لتشعر بالتفوق. بل هذا تصرف يدل على نفس مريضة وشخصية ضعيفة لا تساوي شيئًا في موازين الرجولة.

حين تحاول رفع زوجتك ودعمها، فهذا دليل على أنك تراها وتُقدّرها، وهي ستشعر بقيمتك وقيمة ذاتها. وإن لم تقابل ذلك بتقدير، فالمشكلة عندها، وقد تكون ناتجة عن عقد نفسية أو صدمات لم تُعالج.

فلا تعيب في نفسك، ولا في الفكرة النبيلة التي تقول إنك تسعى لأن ترتقي بشريكة حياتك.

نقطة مهمة:

الإنسان القوي، في نظري، هو من يعرف كيف يتأقلم مع الظروف المحيطة. هو مدرك لوضعه الحالي، لكنه يعرف هدفه، ويواصل السعي لتحقيقه. سواء طالت الرحلة أم قصرت، فهو مستمر ولا شيء يوقفه.

أما الضعف، والاكتئاب، والهزيمة، فهي أشياء قد تصيب أي إنسان، وليس بالضرورة بسبب تقصيره، بل ربما بسبب ظروف خارجة عن إرادته. ولذلك، فإن القدرة على التأقلم مع هذه الظروف تُعدّ من أعظم مظاهر القوة، ولا يملكها الكثيرون.

وأخيرًا:

الحياة قد تنقلب رأسًا على عقب في لحظة، بسبب مرض أو مصيبة أو حتى مكالمة هاتفية مفاجئة.

وحينها، لن تنفعك الأموال، ولا العضلات، ولا السيارات الفارهة.

ما سينفعك هو صبرك، وإيمانك، وثقتك بنفسك، وشريك حياتك الذي اخترته بعناية، والذي اختارك منذ البداية فقط لأنه يحب أن يكون معك.