عزيزي صاحب السريرة:

قرأت ذات مرة لأحلام مستغانمي فبتُ يقظةً طوال الليلِ أفكرُ، ويُصاحبُني أرقٌ أفسد راحةَ روحي.

"أُقَلِّبُ أجفاني فلا الليلُ ينجلي، ولا النومُ يأتيني، ولا أنتَ تقرُبُ".

أخبرتكَ من قبل أنني "بِتُ أيضاً مستيقظةً بليلةٍ شتويةٍ باردةٍ أخرى، وطيفُكَ يُدفئُ فؤادي ويُنيرُه" مالي لا أراكَ الآن في منامي، تاركاً إيّاي بين سوادِ الليلِ الكالحِ وحدي؟

وطيفُكَ لا يزورُني كما كان من ذي قبل، تَلاشَيْتَ من حياتي وغَبْتَ عن أنظاري، ثمّ ما لبثَ طيفُكَ أنْ انْقَشَعَ من لياليّ، تَلاشى كانَ في مهبِّ الريحِ، كَسَرَابٍ يلوحُ في الأفقِ ، غيابُكَ هكذا جرحٌ في حنايا صدري لا يكادُ أنْ يندملَ حتى ينزفَ مجدداً. جزءٌ مني غائبٌ، وروحِي ليست كاملةً، فهناك فراغٌ كبيرٌ في عمقِ روحي لا يمتلئُ إلاّ بوجودِكَ.

أصبحتْ الليالي باردةً كوحشةِ الشعورِ، يفيضُ الشوقُ من أطرافي، مظلمةً روحي، ثقيلةً بأحزاني، وأشعرُ وكأنّ نبضاتِ قلبي قد تَباطأتْ، حتى كادتْ أنْ تتوقفَ عنِ الخفقانِ

أحنُّ للحظاتِ القليلةِ التي تزورُني بها، وتُشرقُ فيها عليَّ من عالمِ الأحلامِ، وهميةً كانتْ أم مؤقتةً، ولكنها مطمئنةٌ، فَهيَ وإن كانتْ وهميةً، إلاّ أنّها تُنعِشُ القلبَ وتُؤجِّجُ نيرانَ حبِّكَ، فالبعدُ لا يُطفئُ جذوةَ الحبِّ الحقيقيِّ

دائمًا ما تُغْمِرُني أحضانُكَ الدافئةُ، ويدُي مستوطنةٌ على صدرِكَ، أشعرُ بدقاتِ قلبِكَ تُنَغِّمُ لحنَ الحبِّ والحنينِ.

لحظاتُكَ دافئةٌ كعينيكَ وذراعيكَ، يأتي طيفُكَ يبعثُ في روحي الأمانَ، ويغادرُني، تاركاً روحي معلّقةً بقدومِكَ.

منة محجوب 🖤✍🏻

27 فبراير 1901

#منة_محجوب #سلسلة_رسائل_أدبية #رسالة #رسائلكم #خربشات #نصوص #أدبيات #كلمات