في الحكاية، في فنّها وعمليّة إنشائها، تعتقد أنّ برأيك أيهما أصعب فعلاً، أن تكتب قصص خيال علمية غير محكومة بأيّ حدود أو اجتماعيّة مؤطّرة بالواقع؟
أيهما أصعب في الكتابة، قصص خيال علمية غير محكومة بأيّ حدود أو اجتماعيّة مؤطّرة بالواقع؟
كتبت رواية اجتماعية، وتعمدت أن تصف الواقع من نظر فتاة مثلي، تعيش بنفس المجتمع، تؤرقها نفس الأفكار، تتعرض لمشكلات أراها حولي بكل مكان.
كانت تجربة رائعة، لأن الكلمات كانت غالبا تنساب من ذهني بسهولة، وزرفت دموعا عند كتابة بعض الأجزاء، التي أدت هي نفسها لبكاء من قرأها.
يجب أن يكتب الإنسان عن شيء يعرفه جيدا، ليس بالضروره عاشه، فقط يعرفه، ويفهمه، لتخرج الكلمات من داخله، فتصيب الأثر المطلوب في قلوب الناس.
لكني قررت بعد تلك الرواية أن اكتب رواية خيالية، كنت قد خططت لها قبل عدة سنين، طورت فكرتها، وقررت الغوص فيها، تجربة كتابة مختلفة كليا.
كتابة الروايات الخيالية ليست متحررة كما يظن أغلب الناس، الفكرة أنك فقط من يضع القواعد، التي لا يسعك اختراقها.
تبني العالم، وتضع دستورا، ثم تسير مع أبطالك تحاول التخلص من مصائد، أنت من نصبها هناك.
ومن تجربتي الكتابة صعبة في العموم، لكن لا فرق حقيقي بين أنواع الروايات، مادمت تكتب عن شيء يهمك، بشغف، منسجما مع ذاتك، نابعا من أعماق كيانك.
أما أصعب أنواع الكتابة على الإطلاق، هي الكتابة التجارية، تصبح الكتابة جافة ولا تطاق، حين تأتي متكلفة، ومصطنعة.
كتابة الروايات الخيالية ليست متحررة كما يظن أغلب الناس
كيف هي فعلاً ليست متحررة وسهلة في حين أنّ حضرتك قد قلتِ التالي:
الفكرة أنك فقط من يضع القواعد، التي لا يسعك اختراقها.
وهل كُل شخص يُشرف على وضع قواعده الشخصيّة وإطاراته ويبني حكاياته من الألف إلى الياء ومن الجغرافيا إلى الزمن بشكل حرّ تماماً وبحسب تفضيلاته الشخصيّة لا يُعد أنّهُ يكتب أمراً فيه حريّة أكثر من وصف شيء أنا لم أتدخّل ببناءه، بل بوصفه ووضع تخيّلاتي ضمن محيطه؟
لا أرى في الواقع ذلك التقييد
الواقع أيضا واسع والعالم كبير، وأغلب القيود نحن أيضا من ألزمنا نفسنا بها، ومستمدة من مبادئ أو أعراف...إلخ
وبناء مكان خيالي نفس الشيء، يمكنني أن أجعلهم قادرين على الطيران، لكن في منطقة ما أو في موعد ما يفقدون تلك القدرة
هذا ما أقصده بقولي أن في القصص الخيالية، انت تضع القوانين كمؤلف، ثم تعاني منها متمثلا بطل قصتك.
التعليقات