ألاحظ منذ فترة ليست بالقليلة العديد من المشاركات سواء من المراهقين أو حتى البالغين العرب والتي تتعلق بالثقافة الكورية وكيف أثرت عليهم بصورة عجيبة. فتأثر بعضهم بالأعمال السينمائية والدرامية وآخرون بطريقة الأكل أو المعيشة. فهل لديكم أسباب حول تعلق المراهقين العرب بالثقافة الكورية، وهل ترون هذا التعلق يؤثر بالإيجاب أم السلب على الثقافة العربية ككل؟
ما هو سبب تعلق المراهقين العرب بالثقافة الكورية؟
رأيي الشخصي .... سبب التعلق يكمن أساسا في مستويين ... الأول خارجي متعلق بالثقافة الكورية ، و الثاني هوا ذاتي ، في أعماقنا كشباب و جيل جديد ....
لنبدأ بالثاني ، نحن جيل منقطع عن هويتنا ، عن ثقافتنا ، جيل لا يحس بالانتماء و لا بالامتداد ..... نصف المسؤولية تقع على عاتقنا خاصة في زمن الانترنت الذي جعل كل المصادر متاحة ، و نصفها على عاتق الأنظمة القائمة التي همشت لغتنا و ثقافتنا و هويتنا !و لأن الفطرة الانسانية الشبابية أن يحس بالانتماء ، و عطشه لامتداد ما ، نأتي للسبب الأول ، هو أن كوريا الجنوبية استثمرت أموالا و وقتا و مجهودا على المستوى المؤسساتي من أجل الترويج لثقافتها بطريقة سهلة ، مبسطة و موجهة للعالم ، من خلال الموسيقى و الفن الاستعراضي و المسلسلات و السينما ... فأخرجت منتوجا مرئيا يستحق الفرجة ، و يتم بثه على جميع الشاشات، و لأننا جيل استهلاك ، فنحن لم نستهلك الثقافة الكورية بعمقها الحقيقي ، لم نسافر لها ، لم ندرس تاريخها ، لم نتعلم لغتها ، لم نقرأ لأدبائها .... نحن فقط استهلكنا منتوج مرئي ، وجدنا فيه معنى ما ، يمكن أن يملأ الفراغ الهووي في ذواتنا !
الآن .... عما اذا كان هذا الشغف مناسبا و مفيدا لنا .... أعتقد أن الرهان يكمن في تنمية مدارك و معارف المراهق العربي ، ليدرك أن المعنى لا يكمن في التفاصيل ، انما في العمق ... و هكذا يصبح المنتوج الذي يتم استهلاكه ، بوابة للتعرف على ثقافة جديدة لها مميزاتها و جمالها ( مثلها مثل أي ثقافة ) و هو ما يوسع آفاقنا و يثريها ... طبعا بعد أن نتشبع بثقافتنا و هويتنا
أختلف معك اختلافًا جذريًا في هذا الصدد يا صديقي، فالمسألة برمّتها لا تعتمد على تحليلنا من خلال واقعنا وواقعهم، أو انتماءاتنا وانتماءاتهم. أنا أعزو الأمر دائمًا إلى العديد من الأسباب، التي تتمثّل معظمها في فكرة الإخراج العاطفي لمثل هذه الفرق، بالإضافة إلى الإخراج الفنّي الجذّاب لهذه الفئة من المراهقين، وعددهم الكبير نسبيًا إذا ما قورنا بالفرق الأخرى أو بالمتعارف عليه من الفرق الغنائية. المسألة تعتمد على تسويق الأفكار أولًا، لكنني أجدها بعيدة كل البعد عن مسألة المقارنة. وأرى في هذا الاتجاه قسوة كبيرة على المراهق العربي، فإننا لا نعي أن المراهقين من هذه الفئة يرتبطون بهذه الفرق من جميع أنحاء العالم، لذلك فالسبب لا يمكن أن يكون معتمدًا على الهوية الحضارية بقدر ما هو معتمد على الإخراج العاطفي المستخدم في تسويق هذه الفرق للمراهقين.
عذرا ، لم أستطع تحديد نقطة الاختلاف الجذري ، لأني أكدت على فكرة كون الدولة الكورية استثمرت الكثير من أجل انتاج و تسويق هذه المنتوجات الثقافية و بالتالي اخراجها بشكل يسمح للمراهقين بالارتباط بها عاطفيا ... فالمسألة ليست أنها ثقافة جذبت المراهقين ، بل هو منتوج ثقافي سوق بشكل صحيح ...
و كلامك صحيح تماما في كون المراهقين العرب ليسو الوحيدين في العالم ، لكن ما لاحظته و كان عماد رأيي ، كون المراهقين في مجتمعاتنا العربية أكثر بعدا عن ثقافتهم من غيرهم ، فأن تتأثر فئة من مجتمع بظاهرة ثقافية ما في سياق العولمة ، شيء ، و الحالة في مجتمعاتنا شيء مختلف تماما ! الحالة عندنا هي تطرف ، كما و نوعا ، في استهلاك و الانغماس في استهلاك منتوجات ثقافية أخرى
اخي امير قد اتفق في كثير مما ذهبت اليه ولكن ارى بعض القسوة في معرض كلامك عن الشباب فعلينا اخي الكريم ان لا نعمم الافعال السلبية على كل الشباب فمازال الكثير من شباب هذا الجيل من يعمل بجد ويجتهد في البحث عن الثقافة والمعرفة وتطوير الذات. علينا ان ننظر الى فئة الشباب على انه هو الطاقة المحركة للتطور والاستمرار. واتفق معك انه علينا ان لاننظر الى الثقافة الاجنبية من القشرة فقط ولكن لم لا نتعمق اكثر في هذه الحضارات والثقافات العريقة.
اسمح لي سيدي بأن أدافع أكثر عن فكرتي ، لسبب بسيط ، هو أني أعتبر الأصدقاء الكرام هنا على مستوى معرفي معين ، يسمح لهم بتجاوز المجاملات لنناقش الواقع بما يتطلبه من قسوة ....
عندما أرى مكانة المطالعة عند المراهقين العرب هي مكانة نخبوية عند عدد قليل جدا .... عندما أرى سطحية مفرطة في التعامل مع المعرفة ، عندما أرى حال التاريخ و الفلسفة و الثقافة معهم .... فما ألاحظه ، هو ضعف كبير في الانتماء الثقافي
طبعا لن أواجه مراهقا بهذا الكلام لأنني أع أن الحل لا يكون بهكذا صراحة مباشرة ، لكن عند فئة معينة من الشباب لها الحد الأدنى من المعرفة، أعتقد أن المرحلة الأولى هي استيعاب الواقع كما هو ، بكارثيته ، أقول استيعابه ، لا استعراضا في الكلام ، بل من أجل التخلي عن العاطفة و التعامل مع الوضع بالطريقة الصحيحة من أجل الرقي به.
اخي امير شاكر ردك الجميل وان مازلت ارى ان هناك فرصة حقيقة لنشر الوعي الثقافي وايجاد مناطق جديدة للابداع خاصة لدى الشباب فلنتيح الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم وافكارهم الابداعية فنستمع لهم ونكون خير معين ولنترك ثقافة جلد الذات فهم منا ولن نستمر بدونهم.
التعليقات