يحدث للكثير منا أن تختفي الروح المرحة كلما كبرنا في العمر، صحيح أن هذا الأمر طبيعي لانشغالنا في الحياة ومحاولتنا مواكبة مجرياتها السريعة. ولكن هناك أشخاص أعرفهم بلغوا من العمر الستين سنة وأكثر وما زالوا في كامل حيويتهم وابتسامتهم المشرقة. فلماذا تختفي ابتسامة البعض منا كلما كبر في العمر؟ وكيف نحافظ على روحنا الطفولية المرحة مهما مرت بنا صعوبات ومشاكل؟
لماذا تختفي ابتسامتنا كلما كبرنا في العمر؟
يقول البعض أنّ العمر مجرد رقم و أنّ الشباب يكمن في القلب لكن هذه عبارة مواساة أكثر منها حقيقة، فالعمر لا يعتمد على ما نشعر به، إنه يتقدم دون مراعاة مدى إستعدادنا لمحطات العمر القادمة، وربما وعينا في لحظة ما بهذه الحقيقة هو ما يجعلنا أقل سعادة و إقبالا على الحياة كلما تقدم قطار العمر.
السبب الآخر هو أننا ترعرعنا في مجتمعات لا تعيش شيخوخة صحية فشاهدنا أجدادنا ينحدرون إلى أرذل العمر في غياب تام لشروط الرعاية الصحة المناسبة ما جعل التقدم في العمر بالنسبة لنا مرتبط بالضعف و المرض و الإعتمادية على الآخرين و من منا يريد أنْ يكون في موقف كهذا، ربما حل هذه المعضلة يمكن في محاولة عيش شيخوخة صحية أو التحضير للشيخوجة بغتباع نمط حياة صحي قد يقينا أمراض الشيخوخة و مشكلاتها الصحية و يمكننا من مواصلة الإستمتاع بالحياة و عيشها بسعادة حتى في خريف العمر.
السبب الأخير و الأكبر -في وجهة نظري- هو أننا كلما كبرنا كلما تخلينا عن أحلامنا و طموحاتنا تحت طائلة المسؤولية و حقيقة الحياة القاسية التي تأبى أنْ تمنحنا كل شيء، ففي الأربعين مثلا، ندرك أنه لم يعد متاحا لنا أن نتبع شغفنا أو نغير وظيفتنا او نختار طريقا غير هذا الذي نمشي فيه، لا احد يستيقظ في الأربعين و هو محامي أو طبيب ليقرر أنه يريد أن يجرب حظه في حله القديم بأن يصبح ممثلا سنيمائيا، التقدم بالعمر ينجر عنه صغر الأحلام وهذا يقودنا لفهم عميق بمحدوديتنا و يصيبنا بخيبة أمل لا نظير لها فنصبح أقل سعادة بل و أقل بحثا عن السعادة. قليلون هم من يعكسون جريان الحياة البائس لصالحهم.
أظن أن السبيل للحفاظ على روحنا الطفولية مثلما سألتي يكمن في الإهتمام بصحتنا النفسية و البدنية فمن جهة علينا إتباع نمط حياة صحي للحصول على نوعية حياة أفضل و الدراسات أثبتت أنّ نمط الحياة الصحي مرتبط بالسعادة، و من جهة اخرى علينا الإبتعاد عن العلاقات السامة و التركيز على دواخلنا و احتياجاتنا النفسية و إشباعها.
أمر آخر يحافظ على شباب الروح هو الإستمرار بالتعلم مدى الحياة بتجربة أشياء جديدة و إستثمار الوقت و المال في عيش مغامرات حياتية و لو كانت بسيطة كتعلم مهارة جديدة أو كبيرة كالسفر حول العالم.
التعليقات