أنَّ الأُولىٰ (بالنسبة لـ) خطأ، والآخِرة (بالنسبة إلىٰ) صواب؛ فإنَّ أصلَهما الفعلُ «نَسَبَ»، وهو يتعدَّىٰ بـ «إلىٰ»، فيُقال: «نَسَبْتُ هذا القَوْلَ إلىٰ صاحبِهِ، أنسُبُهُ (بالضم؛ فلا تقُلْ: أَنسِبُهُ)، نَسَبًا (بالفتح، لا: نَسْبًا)، ونِسبةً».
وشاعَ على ألسنتنا -نحنُ عامَّةَ الناس- الخطأ والغلطُ حتىٰ حسِبناهما فروقًا!
فتراهم يقولون: ما الفرق بين: شَكَوْتُ (وهي الصواب)، وشَكَيْتُ؟ وما الفرق بين: سِيَّما، ولا سِيَّما (وهي الصواب)، وهكذا دَوَالَيْك.
ثُمَّ يقولُ قائل: «ما لكم تتشددون في العربية؟ ما الفرق إنْ فتحتُ المكسور، وكسرتُ المفتوح، أو استبدلتُ بالواو ألفًا، وبالألف واوًا، أو قُلتُ: استبدلَ بيته القديم بالجديد، موضعَ: استبدلَ بيته الجديد بالقديم»؟ حتى بَلَغوا بالعربية عند العامةِ والخاصة غايةَ الركاكةِ والضَّعف، وعُدَّ الخطأُ فرقًا، فجعلُوا يقولون: «ما الفرق بين: هناك أشياء غريبة، وهنالك أشياء غريبة؟»، فيَقول قائلُ: «الفرق أن: هناك: اسم إشارة، وهنالك: معناها: يوجد، ولا تقل: هناك، بمعنى: يوجد!»، فلا صحَّ كلامُهُ أصلًا ولا تفريقًا! فليس عند العرب: هناك، وهنالك، بمعنى: يوجد، وإنما يُقدمون حروف المعاني (في، واللام، وغيرها)، أو يستعملون الأفعال، فيقول أهل الركاكة: «هنالك أشياء في المدرسة لا أستطيع تحملها!»، فتقول العرب: «إنَّ في المدرسةِ ما لا أُطيق!»، ويقولون: «أحمد موجود في البيت، ويوجد خمسون كتابًا في المكتبة»، فتقول (العرب): «أحمدُ في البيت، وفي المكتبة خمسون كتابًا»...، فترىٰ بينهما بُعد المشرقين والمغربين.
والله تعالىٰ المستعان.
التعليقات