جِئتُ الحَياةَ وَلَستُ أَدْرِي أنَّني
سَأعيشُ ذَاكَ الذُّلَّ عَيْشَ هَوَانِ

وَأَخوضُ مَعرَكةَ الحَياةِ عَلىٰ هَوىٰ
مَنْ أبْدَلَ الإيمَانَ بالبُهْتانِ

وَرَكَضْتُ نَحوَ الحُلمِ أَعْدُو وَاهِمًا
وَالحُلمُ زَيْفٌ مِنْ هَوىٰ الشَّيْطانِ

مَا هَمَّني مَوتٌ وَأنِّي راحِلٌ
عَبَثًا فَعلتُ بِسالِفِ الأَزْمانِ

ماَ هَمَّني نُصحٌ وَأنِّي خالدٌ
وَكأنَّ كلَّ الكونِ ملكُ بَنَانِي

وَتَزَيَّنَتْ حَوْلِي الحَياةُ بِزَيْفِها
ضَحِكًا وَلَهْوًا يَسْتَبِيحُ كَيَانِي

حَتَّى نَسِيتُ قَضِيَّتِي وَهَوِيَّتِي
وَنَسِيتُ أنِّي حَامِلٌ أَكْفَانِي

وَإِذَا سُئِلْتُ عن الدِّيارِ وَمَوْطِنِي
أو عَنْ خَبِيثٍ عَاثَ بالأَوْطانِ

جاءَ الجوابُ تَهَكُّمًا أو سَاخِرًا
مَالِي بِأَرْضٍ ليسَ فيها مَكانِي

مَرَّ الزَّمانُ وَلَيْسَ عِنْدِي ما يَرَىٰ
حَقَّ الجِوارِ وَحَقَّ ذا الإيمانِ

حَتَّىٰ أَتَىٰ يَوْمٌ أَزالَ غَشَاوَةً
كانتْ عَلىٰ عَيني كَمَا الأَوْثانِ

يَوْمٌ بِناصِيَةِ الزَّمانِ مُفاخِرًا
حَقًا لَهُ عَنْ سَائرِ الأَزْمانِ

طُوفانُ أقصىٰ قد أعادَ لنا هُنا
مَا ضَاعَ يومًا في هَوىٰ وهَوانِ

طُوفانُ أقصىٰ قَد أَتَانَا حَامِلًا
بِالمُعجِزَاتِ عَلىٰ هُدىٰ الرَّحْمٰنِ

ولقد ذرفتُ الدمعَ رغمَ صلابتي
طفلاً يداعبُ يلهو بالأغصانِ

لما أتاهُ الموتُ رغمَ براءةٍ
ما فرقَ الشيطانُ بينَ مدانِ

وهناكَ أمٌ لا يكفُّ نحيبُها
من فَقْدِ طفلٍ كانَ بالأحضانِ

طفلٌ ثوى و الروحُ هامتْ فوقَهَا
وتوشحتْ بالنورِ بينَ جنانِ

أو ذاكَ شيخٌ كالجبالِ مرابطٌ
بينَ اليدينِ يداعبُ الأكفانِ

وتجلىٰ فيهِ الصبرُ حياً ماثلاً
قد فازَ بالجناتِ دونَ ميزانِ

وَعَجِبْتُ مِنْ قَومٍ تَعالىٰ ذِكْرُهُم
بِالحقِّ قاَلوا قَولَةَ الشُّجْعَانِ

كَسَرُوا قُيودًا مَا ظَنَنْتُ بِكَسْرِهَا
وَالظَّنُّ ضَعفٌ مِنْ هَوىٰ الخَوَّانِ

وَتَحَصَّنُوا بِحُصُونِ رَبٍّ عَادلٍ
وعد الإلهِ القَاهرِ المَنَّانِ

ما ضَرَّهم كَيْدُ الصَديقِ وَجُبْنُهُ
ما ضَرَّهم كَيْدُ الخبيثِ الجَانِي

عَزَمُوا الجِهادَ ومَا عَسَاهم يَفْعَلُوا
و الحَقُّ لا َ يَأتي مِنَ الإِذْعَانِ

حَتَّى إِذَا جُمِعَ الضِّبَاعُ عليهم
وَتَحَزَّبُوا بالخَوفِ بَعدَ أَمانِ

حَشَدوا الجُيوشَ وما عَسَاهم يَفعَلوا
و النَّصرُ لنْ يَأتي بِكَيدِ جَبَانِ

إنْ قَتَّلُوا أو شَرَّدُوا أو دَمَّرُوا
و أصَابوا كُلَّ الطَّلِّ و البُنيَانِ

سَتَظلُّ نَارُ الحربِ فَوقَ رُؤوسِهِم
وَلَبِئسَ  نَصرٌ فَاقَدُ البُرهَانِ

صَبرٌ قَليلٌ بالجِهَادِ فَموعِدٌ
بالنَّصرِ أَو  بِحدَائقٍ و جِنَانِ

فالدَّهرُ قاضٍ لا يَهادِنُ خَائِنَا
والعُمرُ ماضٍ لا يدومُ لِفَانِ

والمَوتُ سَهمٌ للرِّقابِ مُوَجَّهٌ
أنَّى ذَهبتَ يُطِيحُ بِالأَذْقَانِ

قَد فُزتَ بالدَّارَينِ وَعدًا مَاضِيا
فَاخْتَر لِنَفسِكَ مَوتَةَ الشُّجْعانِ

@@@@