لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

مع ذلك، حتى الشقاء، هو من باب ما بوسع الإنسان تحمله، لكن لا يمنع ذلك أن تحترق أعصابه، وحتى الموت هو نوع من الرزق. في أكثر من مساهمة، كنت أشرح بعض معاناتي وهي غيض من فيض، وحرصت أن أكون لبقا ما وسعي على التعليقات رغم أن أغلبها أو كلها نصائح جرّبتها من قبل وعلى مدى طويل. فوق كل ذلك ضايقني جدا تعليق الأخ @HusseinOraby2024 :

لماذا كل هذا يا صديقي الأمر شديد البساطة لا يحتاج إلى كل هذا.

لا أعرف هنا، هل أخذ جولة على مساهماتي الأخرى أم لا

واحدة بعنوان: سأحاول حشد مائة هم من همومي الحالية في تدوينة واحدة

لذا، السؤال هنا، موجه إليه، وإلى المساهمين في حسوب، وسوف أتوقف عن إزعاجكم بما لن يعطي سوى صورة عن كوني شخص شكاء، بكاء، السؤال هنا، متى يُفترض أن تتحطم أعصاب شخص ما. وأنا لا أضرب الأمثلة على نفسي الآن، اجعلوني بعيدا عن الموضوع .. لنفترض أننا نتحدث عن أي شخص. ما الذي يمكن أن يحرق أعصاب شخص ما؟

-الضغط من الجميع حد الجنون؟

-الفقر والإلتزامات المادية وتراكم المديونية؟

-أن تشاهد شخص عزيز على قلبك يموت

-أن يموت شخص عزيز على قلبك

-أن تصاب بعلل الدنيا، وما يأتي عليك هذا من تأثير مادي وجسدي ونفسي (مثلا الإصابة بالسرطان).

-أن تكون جائع (ربما لأيام)، أو تشاهد شخص عزيز عليك جائع (خاصة لو كان طفلا)

-التربص بك من قبل أعدائك، ولنفترض أنهم مجموعة من القتلة الأوغاد، أو في أحسن الأحوال مسجلين خطر (هم جيرانك أيضا في نفس الشارع أو نفس المنطقة)

-إضافة إلى الوقت الذي تتشاجر مع أحد، وتلتحم معه جسديا، هذا معناه المزيد من الوقت الضائع، والصحة المهدرة، والإصابات الجسدية، وربما الطائلة القانونية، إضافة إلى مزيد من العواقب الوخيمة.

-وعموما أنت غير آمن في منطقتك ما لم تكن أنت نفسك مصدر للخطر!.

-أن يتحطم مستقبلك وسمعتك بسبب إدعاء كاذب وقضية حصلت فيها على براءة (ولكن سجلك لم يعد نظيفا تماما).

-أن تفقد شغفك أو تتحطم طموحاتك أو توشك على الموت دون أن تحقق ربع ما تسعى إليه (ولا العشر ولا شيء تقريبا).

-زد على ذلك، أن تملك دلائل ملموسة، على أن معظم الفرص مطبوخة سلفا وتعتمد على الشللية، وأفكارك يسهل سرقتها وتطبيقها من غيرك، لكن سوف تكون مدان دائما بصفتك واهم بأن الجميع يراقبك أو مفتون بالعظمة (بارانويا).

-أن تكون مكروه من أحب الناس إليك

-أن تبذل والاسم أنك لا تفعل، بل وتتهم دائما بأنك تأخذ أكثر مما تعطي

-أن لا تجد أصلا من يستمع إليك .. خاصة وأنك تستمع إلى الجميع (أخص نفسي بهذه الصفة تحديدا)، وهم يطالبوك بالاستماع إليهم وإلى همومهم ومشاكلهم، بل وإقحامك فيها، ولكن لا تجد أحد حين تحتاجه.

-معظم الوقت .. أنت في بيئة عفنة وسامة، مليئة بالروائح النتنة، التي تتعب الصدر والعين، والحرارة عالية، وأنت مشغول ولا تملك الوقت حتى لكي تستحم (لكنك تضطر إلى ذلك مقتنصا أي شيء من الوقت).

-أن تفعل وتفعل، ولكن دون أي طائل أو جدوى.

-أن لا تحصل حتى على فرصة لعمل عادي مستقر (لا أكثر من ذلك، الواحد مش طماع، وهذا معناه راتب بـ 4500 ج كحد أدنى، وإلا سوف يكون بدون قيمة حقيقية).

-آلام الجسد مؤلمة، سواء بسبب مرض أو إصابات، حتى الصداع، ووجع الأسنان، وإرهاق العينين، وبعض الدمامل هنا وهناك، وجروح قديمة وحديثة، وظفر القدم الذي ينخلع كل شوية بسبب حادث قديم.

-آه أنا لم أتحدث عن مجموعة كبيرة من الأمراض النفسية والعلل الحادة التي أعاني منها

لاحظت أنني أقوم بالتكرار، لذا سأتوقف هنا، رغم أن هناك الكثير من الأشياء الأخرى، ولكني صرت عصبي فقط وأنا أكتب، وأصبحت مشتتا مرة أخرى. كل هذه الأشياء وأكثر، بالطبع غير خفي عليك أنني أتحدث عن نفسي هنا.

يقول سيدنا علي: لو كان الفقر رجلا لقتلته

فما بالك بالفقر ومعه باقة من الأمور الأخرى السيئة، مع ذلك، نحمد الله على الوضع القائم، تصدق هناك من هم أسوأ!، وهنا أتحدث عن أناس من حولنا، فلا أقصد بالطبع مثلا أهل غزة أو السودان أو أي من الذين يعيشون في بلاد تخوض حروبا خارجية أو داخلية، فهؤلاء حالهم أسوأ من الجميع (مصر آمنة، ومستقرة، ومليئة بالفرص رغم كل ما قلته .. تصدق!). لهذا أقول أن وضعي أحسن من كثير، محاط بعائلتي، هناك بعد مجموعة من الموارد يمكن استغلالها .. وأنا بعد لا زلت قادر على تنظيم أفكاري، وقادر على التحدث، وقراءة الكتب، اعتقد لم أجن بعد، وجزء كبير من معاناتي هو سوء تدبير مني. طيب .. لماذا أقول كل هذا، ولن أتحدث عن هذا مرة أخرى على منصة حسوب، حتى لا يظهر وكأني أتسول التعاطف من أحد، وسيلتي هي الكلمات. ولكن لماذا أقول كل هذا الآن، وكما قلنا، سأتوقف -عدا طلب بعض الاستشارات لأناس آخرين، وليس بالضرورة لي، أو إذا جاء الكلام في سياق ما، لأني لا أجيد التوقف عن الاسترسال- رغم إني كنت أريد بشدة أن أقول المزيد، أتحدث هنا، لأبادر بالسؤال

هل يمكن التعامل، في ظل هذه الظروف، والوضع القائم، ببساطة!.

صدق من قال: اللي يده في الميه ليست كمن يده في النار.

والرد التقليدي الذي أسمعه من بعض المزايدين -لا أصف أحدا بعينه هنا- هو أن كل واحد عنده اللي مكفيه، هذا صحيح، والبعض لا يتحدث ويملك خصلة التعفف وأحسده عليها، وكنت يوما ما أملكها، ولكن ليس معنى ذلك الاستهانة بمعاناة الآخرين. وأنا هنا أقول أنك ربا فعلت يا حسين، وإن كان بغير قصد على الأرجح.