عدمية الإلحاد.. هل الإلحاد مُسير أم مُخير؟!
الفيديو لا يتحدث عن البوذيين بل على الملاحدة الذين يؤمنون بـن العلم هو المصدر الوحيد للمعرفة وهؤلاء هم أغلب الملحدون في بلادنا.
>على سبيل المثال الكثير من الملحدين ماديين وفي نفس الوقت يساريين، وتجدهم يؤمنون بحقائق ميتافيزيقة مثل أن جميع البشر متساوون
هذا تناقض على أي أساس يقول الملحد أن البشر متساوون؟ أو أن السرقة شيء لا أخلاقي. من ناحية علمية لا يمكن إثبات أن البشر متساوون، بالعكس هناك من يدعي أن البشر ليسوا على نفس القدر من التطور (نظرية التطور).
>والشيء الآخر هو أن لا دوكينز ولا سام هاريس ولا أي ملحد في التاريخ يمثل الإلحاد
هؤلاء يمثلون أفكار عدد كبير من الملحدين حول العالم
>الملحد مادي ولا يؤمن بشيء غير المادة وهو منحل اخلاقيًا وبلا بوصة أخلاقية
نعم الملحد بلا بوصلة أخلاقية. من أين يمكن أن يستمد الملحد أخلاقه؟
>وحتى لو كان ماديًا فهذه المادية تتعلق فقط بنظرية المعرفة، بينما في مبحث القيم (الأكسولوجيا) فلا يوجد مادية تامة، على سبيل المثال الكثير من الملحدين ماديين وفي نفس الوقت يساريين، وتجدهم يؤمنون بحقائق ميتافيزيقة مثل أن جميع البشر متساوون (مجددًا هذا مبحث الأخلاق وليس مبحث المعرفة)
أي إلحاد تشوبه بعض الميتافيزيقية هو إلحاد ناقص وغير نقي؛ فالإلحاد الشامل يجب أن يؤول بالمجتمع - حاضرًا أو مستقبلًا - للتجرد التام عن كل قيمة ميتافيزيقية تختبئ في دواخلنا، لأنها وهم يكبل العقل عن التفكير السوي حسب الإلحاد.
>والشيء الآخر هو أن لا دوكينز ولا سام هاريس ولا أي ملحد في التاريخ يمثل الإلحاد، الإلحاد ليس دينًا ولديه أنبيائه الذين يمثلون معتنقي هذا الدين، دوكينز يمثل نفسه وكل ملحد يمثل نفسه فقط.
في الطبيعة: لا أحد يمثل دينًا ما، حتى الأنبياء لا يمثلون الدين الذي بعثوا به؛ فهم حملة رسالة بعثت إليهم من خالقهم لبشروا وينذروا بها الناس، ومتى ما أخطؤوا هم أنفسهم نزل إليهم الوحي من ربهم يصوبهم.
لكن استحضار أسماء كهذه بدهي؛ فهم دعاة الإلحاد الذين أهتدى بهم كثير من الملحدون في إلحادهم، وهم أكثر من قعّد ونظر للإلحاد في زمانهم، وهم ذروة سنام الإلحاد؛ لذا حين يُتحدث عنهم، فالحديث عن الإلحاد الكلي ليس ببعيد.
الإلحاد الجزئي هو تكتيك مرحلي لنقل الجماعة المؤمنة المتشبعة بالقيم الدينية إلى عدم الإيمان بالله، ثم التجرد - وإن لم يكن مقصودًا حينها - من كل ما ليس عليه دليل مادي ملموس (بما فيها الكنفوشية والبوذية، إلخ...)، باعتبارها أفكارًا عفى عليها الدهر.
وهذا ليس تخمينًا أو فقط لأنه ممكن، ولكن لأن عدم وجود الإله (في معتقد الملحد)، يجعله متجردًا عن أي إلزام بسنة أو عرف أو خلق سائد في المجتمع، وهذا سيضعف الضمير غير العاطفي، وشيئًا فشيئًا يبدأ الناس بالتخلي عن ما هو موجود من قيم، ولا يستطيعون استحداث غيرها وفرضها على الناس.
لكني أستدرك وأقول: يصح كلامي هذا في بيئة لبرالية علمانية، وأي إلحاد غير لبرالي لن يصل إلى ما قلته سابقًا.
-------
ثانيًا المغالطات المنطقية التي صدعتم بها رؤسنا هذه، ليست أحوالًا محكمة: كل ما طابقها فهو قطعًا خطأ، إنما هي أساليب يُستأنس بها يُسترشد، ولكنها قد تصيب وتخطئ، واستخدامها المنهجي هذا هو بحد ذاته مغالطة منطقية!
قصارى القول
- الإلحاد معتقد إنكار الله؛ لكنه في كليته يتضمن توجهًا يقود إلى التحلل الأخلاقي؛ طال الزمن (كما في القرون التي سادها الجمود) أو قصر (كما في قرننا الحالي)، فهو سيحدث لا محالة.
- وجود الملحدين بين المؤمنين المتصفين بأخلاق استمدوها من أديانهم، أو الأمم الملحدة التي تعاصر أممًا مؤمنة؛ كلاهما ملزم على اصطناع أخلاق لمناظرة ما عند الآخر؛ فإن حدث وانعدم هذا الآخر (أصبح الناس على الإلحاد كلهم) ضاعت كل الأخلاق الإنسانية مع الزمن.
- الأخلاق الدينية وما ينبثق عنها تأخذ السواد الأعظم في مقدار الأخلاق الإنسانية، وما تبقى - مهما تعدد وتجزء - فهو جزء يسير من الأخلاق على أرض الواقع.
- في الإسلام ليس هناك رجال دين، بل هو رجل دين واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ومن سواه - كما قال الإمام مالك - يؤخذ من قوله ويرد. وبالنسبة لكلامنا: لم آخذ شيئًا مما قلته لك من شيخ أو فقيه.
- الكلام البشري الذي نتخاطب به نسبي وإذا تكلمت عن شيء ووصفته بصفة، فيكفي أن تنطبق الصفة في معظمه ليكون كلامي صحيحًا؛ وهذه النسبية في الكلام في الكم والنوع، والتدقيق له مقامه، ومقامنا الآن مناقشة منطق الفكرة، لا كمها وشكلها.
-------------------
... أوصي بكتاب "الفلسفة الخُلقية: نشأتها وتطورها" كمدخل مبسط، أيضًا أوصي بقراءة كتاب ديفيد باس "علم النفس التطوري: العلم الجديد للعقل" ...
معلومة جيدة، وسأحاول قراءتهما في أقرب فرصة.
التعليقات