هل تخيلت يوماً نفسك بأنك مترجم محترف، وأن كلماتك مصدر إعجاب لكل من قرأها، وأنت سعيد بما تترجم، ولكن عندما تبدأ بالترجمة فعلاً سيتحول حلمك إلى كابوس، لا تقلق، فيمكنك تحقيق حلمك ولكن عليك أن تمر بأربعة مراحل حتى تصل إلى الإبداع الحقيقي في الترجمة:

اولاً: مرحلة الاستكشاف

هنا البداية، هنا قد تشعر بقدرتك على الترجمة وقد لا تشعر، ولكن بالتأكيد سيشعر بها من حولك وربما سيتم الإطراء عليك بأنك مترجم جيد، هذا سيدفعك إلى التساؤل: هل أجيد الترجمة؟ هل أستطيع الترجمة وأكسب المال؟ منذ متى وأنا أترجم ولا أشعر بنفسي؟ هنا ستكتشف موهبتك بالترجمة، فأن أحببتها فسيلوح لك مستقبل مشرق. وتذكر أنك في هذه المرحلة لست مترجم ولا تملك الإمكانيات العلمية للترجمة، لذلك أذا كان قرارك الخوض في غمار الترجمة أكثر فأكثر، فعليك أن تتقدم خطوة إلى الأمام وتبدأ بالبحث والدراسة.

ثانياً: مرحلة الدراسة

بالتأكيد ستقرر تنمية موهبتك، وستبدأ بصقلها بالدراسة بالبحث بالتعلم من المكان الصحيح، (ليس شرطاً أن تكون الدراسة أكاديمية بأربع سنوات لأن هنالك احتمالية ان تنتهي بقتل موهبتك من خلال تشتيتك بأمور لا علاقة لها بالترجمة إطلاقاً). ادخل اليوتيوب، ادخل جميع المدونات التي تتكلم عن الترجمة، اسأل وأستفسر من أساتذة الترجمة وارسم طريقك بنفسك، وشكك في كل معلومة تحصل عليها وفكر أكثر من مرة بكل نصيحة تجدها في مواقع التواصل الاجتماعي، لان بعض النصائح قد تصدمك، وهي بالفعل غير منطقية أو غير قابلة للتطبيق، فبعضهم قد يقول لك: اقرأ كل يوم كذا صفحة من القاموس (لا تتعب نفسك بقراءة كلمات ستنساها بعد دقائق إذا لم تكن ثواني، ولمَ تحفظ القاموس إذا كان متوفر دائماً وتستطيع الرجوع إليه في كل وقت)، وقد يقول أخرون لك: ابدأ بترجمة الأفلام أو المسلسلات لأنها لغة سهلة (ستشعر بالإحباط عندما تجد نفسك غير قادر على الاستماع أصلاً). وتجنب إرهاق نفسك في مرحلة الدراسة حتى لا تشعر بالملل الذي قد يتطور إلى كره وبالتالي الترك. والأفضل لك أن تعيش الترجمة كهواية ثانوية بجانب عملك الأساسي أو دراستك الأساسية لان ذلك سيولد حب قوي للترجمة وسيتطور ليصبح مصدر رزقك في يوماً قريباً. لا تستعجل وتطلق على نفسك اسم المترجم، فأنت لازلت طالب علم غير قادر على الترجمة عملياً، ولأنه قد يكون شعورك بالفرح بامتلاكك معلومات كبيرة عن الترجمة الدافع وراء ذلك، والفرح أمر جيد ولكن يجب عدم اتخاذ القرارات عند الفرح حتى لا تقع في فخ الإحساس بأنك عالم ولديك الكثير من المعلومات.

ثالثاً: مرحلة التطبيق

تعلم من أخطائك، فالتطبيق المستمر للترجمة سيمنحك الفرصة لاختبار نفسك، ستشك في ترجمتك وهذا أمر صحي، فهو يعني أنك تسير في الطريق الصحيح للوصول إلى الترجمة الصواب، لقد تكونت لديك القدرات اللازمة للترجمة ولكنك لن تشعر بالرضى عن ترجمتك في هذه المرحلة، فأنت لازلت تخاف من الأخطاء التي كنت تقع فيها في مرحلة الدراسة. ستعاني كثيراً في مرحلة التطبيق لأنك ستدرك حجم مهنة الترجمة وصعوبتها، ومتطلباتها التي تعتمد على المطالعة المستمرة والعمل الجاد. الحذر والتوتر والقلق هي من الصفات الملازمة لهذه المرحلة، لأنك تخشى كثيراً على ترجمتك وتسعى لتقديم أجود ترجمة، وتتمنى أن تنال ترجمتك رضا العملاء على الفور.

رابعاً: مرحلة الإبداع

عقلك سيترجم بلا شعور، ستخرج منك الكلمات بلا وعي، ستجد المعنى المطلوب بلا معاناة، أنت الآن تترجم بإبداع. في هذه المرحلة لن تكون مجرد قارئ، فأي نص تقع عليه عينك ستقوم بتحليله ونقده وتعديله وتصحيحه بلا شعور، وذلك لأن عقلك أصبح جاهز للترجمة تلقائياً.

الانسجام في الترجمة صفة من صفات الإبداع، فأنا في بعض الأحيان عندما أنتهي من ترجمة بعض الصفحات أشعر وكأنني كنت في حلم فلا أتذكر ما كنت أترجمهُ ولا أنتبه للوقت المستغرق وعندما أعيد قراءة النص وأسأل نفسي: لم أخترت هذه المفردات بالتحديد عوضاً عن غيرها؟ سأجيب بأنها خرجت بلا شعور وكأن يدي من كتبتها بلا علمي.

نصيحة مهمة جداً وأرجوا أن تأخذ بها: كل مرحلة من هذه المراحل ستأخذ وقتاً طويلا، ليس بالقصير، فاصبر، ولا تستعجل، ولن ترى إلا النجاح.

المترجم: سرمد عقيل أحمد

_مقالات_في_الترجمة_مع_المترجم_سرمد_عقيل