القَسَم البرمجي
لا أعتقد أنك تستطيع أن تنظر للمبرمج كأنه حرفي فقط. فلو عرف أن الشركة التي يعمل فيها تتجسس على المستخدمين دون علمهم. أو أن الخوارزمية التي سيبنيها سوف تسهم في نشر العنصرية أو نقل الأخبار الكاذبة، فهل عليه أن ينفذ لأنه "حرفي فقط" ألا يوجد رادع أخلاقي؟
لا يمكننا النظر إلى أي تقنية باعتبارها أداة فقط، لا تخبرني بأن فيسبوك وتويتر مجرد أدوات بل هي أكبر من ذلك وهي تسهم مباشرة في العديد من الأمور من حراك مجتمعي إلى نشر الأخبار الكاذبة وتعزيز القناعات العنصرية، إذا بدل من لوم البشر (لأن البشر لن يتغيروا) عليك وضع حد عبر تقنين الأدوات أكثر ووضع عواقب قانونية على من يسهم في بناء مايضر ويعلم ضررها.
هناك رادع أخلاقيّ، المشكلة ليست في وجود الاخلاق في المهنة، المشكلة في فكرة القسم بذاتها.
الفكرة التي يدعوا إليها تايلور هو أن يبدأ الموضوع كقوانين وأخلاقيات، وقد يتبعها ميثاق شرف بين المبرمجين،
لا مشكلة لدي حتى هذه الجملة. من الجيد وضع قواعد اخلاقية متفق عليها بين الجميع لتكون مرجعاً لمن يرغب بدخول المجال أو صناعة شيء في حال كان متردداً بخصوصه. وهي فكرة جيدة لجعل المبرمجين يفكرون فيما يصنعونه قبل إطلاقه للعالم.
المشكلة هنا
بعد ذلك قد يتم تحسين الأمور بحيث تصدر رخص لمزاولة البرمجة، وهذا يجعل من يفكر في مزاولة البرمجة يتمهل قبل إطلاق خدمة / منصة قد يساء استخدامها، لذلك يجب عليه التفكير في هذه الاحتمالات.
لا.
سنقوم بنفس الأمر في حالة البرمجة وسنضع قوانين على المبرمجين، رخص مزاولة مهنة، ونحرمهم في حال قامت خدماتهم بأمر مخالف أخلاقياً أو اسيء استخدامها؟ كيف سيكون تأثير هذا على الانترنت؟ قطاعات كبيرة قائمة على "الانتاج البرمجي المستمر" ستتوقف فقط بسبب إدخال القانون لمحاسبة المبرمج، الذي يصنع أداة في النهاية.
أقول هنا أداة لأن المبرمج يصنع أداة، لا يوجد مصطلح أو تعريف أفضل للمنصات هذه من تعريف الأداة. هي ليست خدمات مقدمة من طرف المبرمج إلا لو كان المبرمج ذاته مسؤول عن إدارة كل جوانب الأداة ومسؤول عن تشغيلها وإدارتها، ولكن في حالة الشركات الكبرى، المبرمج مسؤول عن أداة صغيرة ضمن آلة عملاقة ولا سلطة له على سير المنصة بأكملها.
النقطة الثانية تكمن في تعريف منصات السوشال ميديا. أغلب هذه المنصات تعرف عن نفسها وتضع في سياساتها وشروط استخدامها أنها غير مسؤولة عن محتوى المستخدمين ولكن ستقوم بإزالة المحتوى المخالف لقوانين المنصة أو قوانين البلاد بأقصر وقت ممكن.
المبرمج لا يمتلك قدرة على المنصة بأكملها. قد تكون الخوارزمية التي قام بها مصنوعة لهدف ما وتستخدم بطريقة خاطئة دون أن يكون له سيطرة مباشرة على ذلك. بالتالي لا يمكن حسابه قانونياً على ما صنعه.
المسؤول عن إزالة المحتوى هو الشركة بأكملها ممثلة بمالكها أو الرئيس التنفيذي او ايا كان... هذا الشخص مسؤول أخلاقيا عن تطبيق قوانين المنصة والبلاد بأقصر وقت. عبارة أقصر وقت لا تعطي أي حدود حقيقية ولكن أعتقد أن المنصات هذه تقوم بعمل جيد لبناء ذكاء اصطناعي قادر فعلا على ازالة المحتوى بأقصر وقت.
برأيي تقوم هذه الشركات بكل ما عليها القيام به قانونياً لتبقى في اللعبة، وهي تحمل الحمل الأخلاقي والقانوني كشركة. بينما نقل هذا الحمل على المبرمج الذي يعمل كجزء في آلة عملاقة لن يقدم أي خدمة للمجال على الإطلاق.
وضع قيود قانونية على المبرمج في هذا النوع من الشركات سيجعل تطوير وتحديث خدماتها أبطأ بكثير بالتالي سيجعل دفع عجلة المجال التقني كاملاً أصعب.
تخيل مثلاً ان يتضمن القانون الأخلاقي للمبرمجين (لا تبرمج أداة تساعد على تزوير الهويات) حينها لن يصل الذكاء الاصطناعي لمرحلة قادرة على انشاء وجوه بشرية عشوائية بالسرعة ذاتها، وكل التطور التقني المعتمد على هذا سيتأخر سنوات عديدة.
اعتقد اننا بحاجة لتسريع عملية البناء مع مخاطرها حالياً، هذا سيجعل الأمور أفضل مستقبلاً
التعليقات