يُقال" من راقب الناس مات هماً"، ومن نظرتي الشخصية، المراقبة تنتج عن عدةً عوامل نفسية لدى الشخص، إما الخوف أو الحب أو الحسد، أو الرغبة في الانتقام وشنّ الحرب على الطرف الآخر، وفي السابق اعتقد أنّ أسلوب المراقبة الوحيد هو تتبع أثر الشخص ومعرفة أخباره، ولكن في الوقت الحالي أصبح الأمر معقداً، واقتحمت حياتنا الكثير من التقنيات الحديثة التي من السهل تعلمها واختراق خصوصيات الآخرين، بل وتعقب تواجدهم وخروجهم من بعض المواقع أو الشبكات الالكترونية، ولعلّنا نرى ذلك واضحاً جلياً في شبكات التواصل الاجتماعية وما أحدثته من ظهور محبي مراقبة حسابات الآخرين وتقليدهم، أو مراقبتها لافتعال المشاكل ولخرق أحد أمورهم السريّة، وسيأتي أحدهم قائلاً أنّ في تلك المراقبة شئ مفيد؟، بلا شك أنّنا إذا نظرنا لكافة الظواهر التي تحدث في حياتنا سنرى أنّ هناك شق ايجابي، منها أنّ تلك التقنيات سهلّت للوالدين تعقب حركة الأبناء وحمايتهم أثناء ذهابهم إلى المدرسة أو مع الأصدقاء، كذلك فإنّ تلك الشبكات الاجتماعية قد تكون أداة للتواصل السريع فيما بيننا، فبعض الأصدقاء يُراقبك بغية محبتك أو تتبع حالك ما إذا كنت تسكن في منطقة جغرافية بعيدة عنه، إلا أنّني في هذا المقال، أتحدث عن الشق السلبي، الشق الذي يجعل "الدراكولا" بداخلنا يستفيق!، ويجعلنا في حالة نهمّ وشبق في المراقبة، ماذا فعل الآخر؟ أين ذهب؟ ماذا يأكل؟ ماذا يشرب؟ لماذا فعل هذا؟ لعلّه كان يقصد ذلك؟ لا بالتأكيد هو يقصد أمرٌ آخر أبعد من ذلك؟ وسيلٌ من الأسئلة التي تُداعب عقولنا، ولا نستطيع الإجابة عليها ونستمر في المراقبة!.

ولعلّ مسلسل "You" الذي أصدرته شبكة "نتفلكس" التلفزيونية في عام 2018م، دليل على هذه الحالة المرضية من التعقب، ومن وجهة نظري، أنّ المخرج أبدع في اختيار الشخصيات، حيث سنرى "جو" الذكي العبقري المثقف الذي يقع في غرام "بيك"، الفوضوية المشتتة الساذجة التي لا تُجيد اختيار الأصدقاء والأحباء بالرغم من أنّها تحب القراءة بشغف وتمتهن الكتابة!، يدخل "جو" في حياة "بيك" ويقلبها رأساً على عقب، والفضل يعود إلى تعقب شبكات التواصل الاجتماعية الخاصة بها!

هذا المسلسل جسّد لنا ما يحدث وإنّ كان بشكل نسبي، من تعقب لشبكات الآخرين خاصةً بين الأحباء ومحاولة اختراقها أو الاطلاع على خصوصياتهم وحب اكتشاف أسرارهم بأسهل الطرق، دون أنّ نُتعب أنفسنا بمواجهتهم، والمثير في المسلسل من وجهة نظري المتواضعة، هو قدرة فريق العمل على إظهار التعقيد الذي قد ينجم عن هذا السلوك والمشاعر التي تزداد حدةً وعُنفاً مرة تلو أخرى، ولعلّ العلماء والباحثين لاحظوا وجود هذه الحالة على أرض الواقع، مع بدء انتشار شبكات التواصل الاجتماعية وأطلقوا عليها اسم "Facebook Stalking"، كما حذروا بأنّ هذا السلوك قد يقود إلى الإدمان المرضي الذي يتطلب علاجاً نفسياً!

 بالمختصر المفيد كما يقولون، ستُشاهد هذا الفيلم وتنتابك حالة عاطفية ولكنّها في المقابل ستجعلك متماسكاً قادراً على التفكير وستصل إلى النتيجة التي ستُقرّها حتماً، والتي تتلخص ببساطة في العبارة التالية، "ومن الحب ماقتل"! .

إذا كنتم ممنّ شاهد هذا المسلسل، شاركوني تجربتكم، هل استطعتم إنهائه؟ ولأي فئة تُصنفونه "درامي رومانسي" أمّ انه " جريمة وإثارة"؟!