تعتمد الدراما الإذاعية في وصولها إلى الجمهور على الصوت فقط، سواء كان صوت بشري أو لحن موسيقي أو أي نوع من المؤثرات الصوتية، لذلك فهى من الفنون الصعبة، لأنها لا تتيح للكاتب إمكانيات متعددة للتعبير، وفي الوقت نفسه عليه أن يقوم بتوصيل العمل الدرامي بكل أبعاده للمتلقيين، وهذا التحدي يمثل متعة للكاتب المتمكن من أصول الدراما الإذاعية، بينما يشكل عقبة لدى الكاتب الذي يشعر بأن الصوت وحده غير قادر على توصيل ما يريده للجمهور، حيث أن الدراما الإذاعية تعتمد على إثارة خيال المستمع، فهى تفتقد عنصر الفرجة والمتابعة الذي يتوفر في الدراما التليفزيونية والسينمائية والمسرحية أيضاً.
ولهذا الأمر عدة مميزات فنية وإنتاجية، فعلى المستوى الفني تخلق نوع من الحميمية بين العمل الفني والمستمع من خلال إثارة خياله لما يحدث، فيقوم بتخيل المناظر والمواقف والشخصيات من واقع تجاربه وخبراته الشخصية، أي أنه يشبه الشخصيات مثلاً بشخصيات يعرفها في حياته الشخصية، أو الأماكن التي تحدث بها المواقف بأماكن مألوفة بالنسبة له، وهكذا.
أما على مستوى الإنتاج فهى غير مكلفة كالدراما التليفزيونية أو السينمائية، فهى تتيح للمؤلف أن يأخذ المستمع في رحلة للفضاء، أو أعماق البحار والمحيطات، أو يتنقل به من بلد إلى آخر من خلال تلميحات سريعة في الحوار بين الشخصيات، بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية التي توحي بالجو المطلوب، كصوت البحر أو الرياح أو الشلالات وغيرها دون النظر لتكلفة التصوير في تلك الأماكن، فميزانية الأعمال الإذاعية تقتصر على أجور المؤلف والمخرج والممثلين ومهندس الصوت، وبالطبع تكلفة الأستوديو بأجهزته التي يجب أن تكون في منتهى الكفاءة، حتى لا تؤثر بالسلب على عملية التوصيل المتقنة للمستمع.
وبالنسبة للعنصر الأساسي في الدراما الإذاعية وهو الصوت، فيجب اختيار ممثلين من ذوي الأصوات القوية والمعبرة والموحية بالشخصيات التي تؤديها، فالنجم السينمائي الوسيم ذو الصوت الضعيف لا تشفع له وسامته وسحره في الدراما الإذاعية، وهذا ما حدث مع نجم السينما الصامتة "جون جلبرت" وتسبب في انتحاره عندما عرض له أول فيلم ناطق ولاقى سخرية من الجمهور بسبب صوته الضعيف (المسرسع).
ونظراً لغياب العناصر المرئية في الدراما الإذاعية، وأيضاً لقصر مدة الحلقة والتي يفضل ألا تزيد عن النصف ساعة، فأنه يتحتم على الكاتب الإذاعي أن يقلل من عدد الشخصيات، حتى يسهل على المستمعين استيعابها وإدراك الفروق فيما بينها، وأيضاً أن يلتزم بخط صراع رئيسي واضح دون الدخول في تفاصيل المتاهات الجانبية.
من أنواع الدراما الإذاعية، المسلسلات النهارية التي تذاع خصيصاً لربات البيوت أو المحالين على المعاش، ومسلسلات الأطفال، والمسلسلات البوليسية، والدراما الغنائية.
ومن أشهر كتابها في الشرق العربي، يوسف الدين عيسى، محمد متولي، وحيد حامد، صالح مرسي، أسامة أنور عكاشة، وغيرهم.
ما هو أكثر عمل إذاعي ارتبط به، وما هو الصوت الإذاعي المفضل لك؟
التعليقات