مسيحي بالوراثة يؤمن بدينه الموروث ايمان اعمى و مسلم بالوراثة يؤمن بدينه الموروث ايمان اعمى ، احدهما في النار و الآخر في الجنة، ماذا لو كان ذلك المسيحي محظوظا وولد في عائلة مسلمة ؟ ماذا لو لم يحالف ذلك المسلم الحظ وولد في عائلة مسيحية ؟ تبدو المسألة فقط مسألة حظ و جغرافيا ، لو كنت محظوظا وولدت في عائلة مسلمة مثواك الجنة و لو كان حظك عثرا وولدت في عائلة مسيحية مصيرك النار، هذا لا يبدو عادلا، لكن الله عادل و ليس بظلام للعبيد، اين العدل و ما الحكمة في هاته المسألة؟
هل الله عادل؟
أولاً: ما علاقة وجود دول كاملة بديانة واحدة بالكلام الذي قلتُه من قبل؟
قلتُ لك أنّ أمر الحساب متعلّقٌ باعتقاد الفرد وأعماله، سواء وُجد في دولةٍ تَدينُ بدينه أو وُجد في كوكبٍ آخر، فاتّخاذ الدولة لدينٍ معيّن، أو تواجد الفرد في عائلةٍ تَدينُ بدين معيّن، لا علاقة له بحسابه يوم القيامة، فالحساب متعلقٌ -مرّة أخرى- بالاعتقادات الفردية والأعمال الفردية.
ثانياً: من الطبيعي أن يجدَ كلَّ شخص (سني، شيعي، مسيحي .. الخ) أنّ دينه هو الصحيح، ولا أنفي أنّ من أسباب ذلك هو الموروث العائلي والمجتمعي، ولكنّنا مطالبون جميعاً كبشر أن نفكّر ونمحّص الأمور لنصلَ للحقيقة، ومطالبون بذلك أكثر عندما تَعرِضُ لنا شبهاتٌ عن ديننا، أو عندما تتم مقارنة أدياننا ببعضها، فهنا لا بدّ من تكثيف الجهود ليعرف الشخص دينه معرفةً شبه كاملة (أو كاملة حتى) ليستطيع أن يقتنع تمام الاقتناع ببطلان ما يُشاع عن دينه من شبهاتٍ واتّهامات.
فإن رأى في دينه ما يوافق تلك الشبهات -وخاصّةً في أمور الاعتقاد- فينبغي عليه أن يرى دين غيره في محاولةٍ للوصول لحقيقةٍ أصيلةٍ توافق ما أمر الله به حقاً.
إذاً فهو مطالبٌ بالتقصّي حتى وإن اقتنع أن دينه هو دين الحق والصواب.
ثالثاً: ليست قاعدةً أنّ المسلم بالوراثة أشدُّ تديناً من غيره، وكذلك الأمر بالنسبة للمتشكك نتيجة الإعجاز العلمي، فنعود لنقطة أنّ الحساب والجزاء يكونان على قدر الاعتقاد والعمل، فإن كان المتشدد لدين آبائه متشدداً مع اعتقادٍ بصحة ذلك وإيمانٍ حقيقيٍ مع عمل يوافق الشرع فطوبى له.
رابعاً: تريدُ آيةً أو نصّاً يُبطل إسلام الوراثة، وأعودُ وأقولُ لك أنّ صحّة الإسلام مقرونةٌ بالاعتقاد الجازم والإيمان الحقيقي مع العمل الصالح الموافق للشريعة.
فمهما يكُنِ المسمّى، سواء إسلام وراثةٍ أو إسلامٌ حداثيٌ أو غير ذلك، فإن كان هذا الإسلام نابعاً عن إيمانٍ صادقٍ واقترن مع ما يوافق الشرع فهو مقبولٌ بإذن الله -كما أخبرنا الله ولا نتألّى عليه-.
لا أدري لماذا أحسُّ أنك لن ترتاح حتى يكفرَ المسلم الذي وُلد مسلماً في عائلةٍ مسلمة، ثمّ يعود وينطق بالشهادتين حتى يصبح في نظركَ مسلماً بحق!
هل ينبغي على المرء إن وُلد مسلماً أن يفعل أيَّ شيءٍ حتى نثبتَ صحّة إسلامه؟
أمرُه إلى الله، إن رأى الله فيه إيماناً وعملاً فقد فعل ما أمره الله به، حتى وإن كان ورِثَ دينَه وراثة.
خامساً: لستُ أملك مفايتح الجنّة أو النّار حتى أُدخِلَ فيهما مَن أشاء وأمنع عنهما مَن أشاء.
أمر الجنّة والنّار بيدِ الله وحده، والله لم يقل لنا شيئاً عن المسلمين بالوراثة، فلا فائدة من تقرير مصائر الناس أو الخوض في ذلك.
ختاماً: دعْ أمر البقية من النّاس، وعليكَ بخاصّة نفسك، فأحسنِ الإيمان والعمل، وكن على يقينٍ أنّ الله لن يظلمك ولن يظلم غيرك. {{فاسْتقِم كما أُمرْت}}.
أسألُ الله الهداية لي ولك، وأن يجعلنا ممّن يؤمنون به حقاً وصدقاً.
(الفرد يحاسب على اعتقاده و اعماله )
و من يتحكم في تلك الاعتقادات يا شاطر ؟ وجود بلدان كاملة بديانة واحدة دليل على ان المعتقد الذي سيعتنقه الفرد يتحكم فيه الحظ العشوائي و الجغرافيا، (تولد في مجتمع مسلم فتصير مسلما او في مجتمع مسيحي فتصير مسيحيا) طبعا هناك حالات شاذة لكن القاعدة هي الاساس ، لا احتاج لأن تفتي علي من رأسك و تخبرني بحكم المسلم بالوراثة لا فرق بين مسلم بالوراثة او مسلم عن اقتناع الا في مسألة حد الردة. الاغلبية الساحقة مسلمون بالوراثة و انت شخصيا كذلك و حتى ان انكرت ، فهل تعتقد ان تسميتك لذلك التمحيص بالشبهات يمكن ان يعد بحثا عن الحقيقة؟ فأنت قد سبق ووضعت النتيجة في رأسك و هي صحة الاسلام و تحاول ان تثبت صحته و تتخلص من تلك ( الشبهات)، ليس هكذا يتم البحث عن الحقيقة, البحث العلمي يحلل المعطيات بحيادية ثم ينتهي بالاستنتاج .
التعليقات