قال الله عز وجل على لسان يوسف عليه السلام في سورة يوسف وفي تاويل رؤيا الملك

( تَزۡرَعُونَ سَبۡعَ سِنِینَ دَأَبࣰا فَمَا حَصَدتُّمۡ فَذَرُوهُ فِی سُنۢبُلِهِۦۤ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّمَّا تَأۡكُلُونَ .)

( ثُمَّ یَأۡتِی مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰ⁠لِكَ سَبۡعࣱ شِدَادࣱ یَأۡكُلۡنَ مَا قَدَّمۡتُمۡ لَهُنَّ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّمَّا تُحۡصِنُونَ )

(ثُمَّ یَأۡتِی مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰ⁠لِكَ عَامࣱ فِیهِ یُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِیهِ یَعۡصِرُونَ ﴾

سؤال للتأمل:

في تأويل رؤيا الملك، كان الحديث كلّه عن الزراعة والسنابل والتخزين والخصب والقحط، لكن عند الوصول إلى العام الخامس عشر، قال يوسف عليه السلام:

﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ [يوسف:49]

فما الحكمة من اختيار التعبير بـ "يعصرون" بدلًا من "يزرعون"، رغم أن الرؤيا بأكملها تتحدث عن الزراعة والمخزون الغذائي؟

تأمّل وتدبّر:

بعد سنوات القحط والجفاف، تبقى الأشجار المعمّرة كالنخيل والزيتون والكروم صامدة رغم قلّة الماء، تتحمّل شدّة الجفاف، فإذا جاء عام الغيث عادت للحياة سريعًا، تُزهر وتُثمر، ليكون العصر للزيتون والتمر والعنب… بينما الأرض المنهكة من الجفاف تحتاج وقتًا لتستعيد رطوبتها وحيويتها قبل استقبال البذور من جديد، وهذا ما أثبتته الدراسات الزراعية الحديثة.

وكأنّ الآية ترسم دورة الحياة بأدق تفاصيلها: عام الغيث للثمار والعصر والرخاء، يسبقه زمن إعداد الأرض للزرع القادم.

سبحان الله… قرآننا العظيم قدّم نظامًا زراعيًا متكاملًا قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام، وما كشفه العلم الحديث اليوم لم يزدنا إلا يقينًا وحمدًا لله على نعمة الإسلام.