حتى تنتهي القصة ب "وعاش في سلام" لابد أن يترك البطل ذراعه في الحرب، وهل كنت فعلا تظن أن الحظ يحالف الهوى؟ بل خذها يقينا مني أنه يخالف الهوى، ولا تسألني عن الدليل..
فإن السماء لا تمطر ذهبا..
كما أن الدنانير تتساقط بقدر قطرات العرق..
وهل بعد قول المولى تبارك وتعالى ﴿ وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ﴾ قول آخر؟!
خليلي..
مَنَّ الله عليك أن صَيَّرَكَ مبرمجا، فأنت في نعمة لو أمعنت النظر..
فإن كُنتَ متعثرا في تحصيل ثمار حِرْفَتِكَ فلأنك أَحَدُ اثنين:
لم تتمكن بعد من تخصصك في البرمجة..
أو أنك متمكن حقا، لكنك لم تجد مرشدا..
إن كنت من الصنف الأول فَاصْغِ إلي جيدا، واعمل بكلامي، فإنني أحببتك منذ أن جلست تقرأ كلامي هذا، ولست ببخيل حتى أحرم حبيبي سبيل التقويم..
لكن قبل أن أدلك على سبيل التقويم، هلا دللتك على سبيل التقييم؟
بلى، فإن التقويم بلا تقييم تنويم، ولن ترقى إلى ما تصبو إليه إن أسأت التقويم، وهل يصلح العلاج إلا بعد التشخيص؟!
ركز معي..
خذ ساعة من وقتك، تتفرغ فيها لنفسك، ثم فكر مَلِيًّا في تخصصك البرمجي الذي قررت أن تزاوله، ولا تشتت بالك بكثرة التخصصات، فإن الكثرة تدفع إلى الانتقائية، والانتقائية مدعاة إلى القبوع في ذيل التخصص.
حدد تخصصا وحيدا فقط، أ تريد احتراف برمجة الويب؟ برمجة سطح المكتب؟ برمجة تطبيقات الموبايل؟ أم ماذا تريد؟
ولا تسألني عن أيها أكثر مردودية، وأشدها طلبا. لأن الحال ما يزال مبكرا..
بعد أن تضرب الأخماس للأسداس، وتقدر المصالح والفوائد، حدد تخصصك واصنع قصتك، ولا تُدخل أحدا في قرارك، حتى أنا لا تشركني فقد أخذلك، لأنني مستغرق في تخصصي..
قَرِّرْ واصنع قصتك، ثم انتقل إلى مرحلة تحديد النقص..
بصيغة أخرى: ما الذي تستصعبه في تخصصك؟ ما الذي تهرب منه دوما؟ مالذي ينغص عليك عيشك إن مَرَّ طيفه ببالك؟
قد يكون واحدا أو أكثر، اجمعهم وسجلهم في دفترك..
ثم ابدأ بهم واحدا واحدا، لا تغادر منهم أحدا حتى يستحيل في ذهنك كالعصا في يد الأعمى..
ثم بين الفينة والأخرى راجع مرحلة تحديد النقص، حتى يستقيم حالك في تخصصك، ثم انتقل إلى مرحلة النسخ البَنَّاء..
أَ وَ تدري ما النسخ البناء؟
أن تأخذ مشروعا أعجبك، وتنسج على غراره مشروعا آخر من صنعك..
تريد مثالا: أعجبتك لعبة Flappy Bird، لما لا تصنع مثلها بنفسك؟
ستكون تجربة فريدة صدقني، لأنك ستدخل في تَحَدٍّ مع نفسك، وستواجه صعوبات وإكراهات، وهي مسألة طبيعية جدا، فلا تستسلم يا خليلي، فأنت بطل، وهذه قصتك، ولا أحد سواك سيصنعها، فاصنعها ولو كلفك ذلك أن تشتري سورس كود اللعبة وتنقب فيه، فَلِسُمُوِّ الهدف تَذِلُّ الوسائل..
ها قد ساويتك يا خليلي بثاني الاثنين: ذاك الذي يملك الأدوات لكنه لم يجد مرشدا يدله على سبيل الربح..
فتنفس بعمق، وتعال معي لنواصل في الجزء الثاني من هذه المقالة، سُبُلَ الربح من البرمجة، على أن تعدني بشيء واحد، أو بشيئين، بل بثلاثة !
أما الأول: أن تضع في اعتباراتك معاني الحرام والحلال، فلا تطاوع نفسك في توظيف ما حباك الله من معارف في الحرام وإن زينته لك نفسك، فإن الدنيا غمضة عين.
وأما الثاني: أن تدرك يقينا أن الله عز وجل كرمك بالعقل، فلا تصدق من يقول لك: أن هذا الأمر أو ذاك صعب ولا يمكنك بلوغه، فهو كاذب، وبعون الله أنت قادر على تحقيق كل ما تريد، فقط: ثق أنك قادر، ثم بادر !
وأما الثالث: ألا تفشل في مراحل التعلم، وخذ كامل وقتك في المدارسة والممارسة، ولا تزدري حالك بالمقارنة مع غيرك، فإنك نسيج وحدك، وليس ببعيد أن تتجاوزنا جميعا.
فاصنع قصتك يا خليلي، دام لكم البشر والفرح!
التعليقات