بقلم: محمد دومو

صراع الروح مع النفس!

أنا الآن في هذه اللحظة بالذات اتخيل انني مجرد روح بلا جسد، استطعت بلوغ هذه المرتبة بكثرة تأملي للأشياء المحيطة من حولي، بتركيز عال الى حد الخروج من هذا العالم المادي الشرير والمتحكم في عقولنا، عالم النفس، عالم المادة والشهوات، عالم كله أوهام من صناعة العقل المستسلم، هذا الأخير قد يحيل علىنا أشياء وهمية يرسمها لنا بمهارة تامة، من تلقاء نفسه وإيمانه كيفما أراد، لتبدو لنا وكأنها الحقيقة. ولكن الروح دائما ترى حقيقة الأشياء وبالتالي فهي ليست بواهمة، انا الان احاول ان أدرك معاني كل الأشياء ولكنني في طور البداية، بداية شاقة وليست مستعصية على المرء بلوغها، وهنا في هذه المرحلة اكتشفت ان الصراع الذي يتخبط فيه اي كان من بني الانسان هو صراع ثنائي بين الروح و النفس أو بين المادة والروح.

هذا الإنسان أتى بعقل لهذه الدنيا ليميز به الأشياء، وفي مرحلة عبوره في هذه الدنيا، هناك قوتان متعارضتان بنسب متساوية إذا صح التعبير عن ذلك، قوة الروح وقوة النفس، وما على العقل إلا التمييز وهو يتلقى مجموعة من الإشارات في مسلك حياته فله القدرة على ذلك، لأن العقل هو نظام منطقي محض لا يقبل التناقض، ولكنه قد يروض ليصبح منسجما سواء مع الروح فيكون بصيرا او لينسجم مع النفس ويكون جاهلا غافلا.

بهذا العقل في الخطوة الاولى للإنسان، يكون الحق واضح له والشر أيضا، ومن هنا يبدأ في شق أو اتخاذ أي طريق من الجهتين يريد الاتجاه والتقدم مضيا ليعيش في هذه الدنيا، طريق الشر مغر كثيرا ويبدو جميلا، ولكن طريق الخير مطمئن ويبدو صعبا. كل هذه الأمور تكون واضحة في البداية لأن العقل في الاول ما يزال محايدا وغير مؤثر بالتأثيرات الاخرى، وخاصة منها المادية النفسية الشهوانية والرغباتية المغرية.

إذا سلك المرء طريق الخير هنا في هذه الوجهة بالذات يصبح قلبه مطمئنا، هنا يصارع الإنسان نفسه الأمارة بالسوء، النفس الشهوانية والرغباتية. فيصبح عقله يميل اكثر فاكثر إلى طريق الخير لينسجم مع الروح. ويكون بذلك قد عمل عملا صالحا في دنياه، ولكن إن حصل العكس فهنا يبدأ العقل يفقد توازنه، فتراه يراوغ و يتملص من قوة روحه، لينسجم مع النفس ومع الجسد، برسم صور قد تبدو جميلة ومريحة ولكنها وهمية غير حقيقية، و يتيه الإنسان في عالم مادي كله شهوات ورغبات غير منتهي وهو في غفلة من حاله. وبذلك يكون قد ضيع على حاله العمل الصالح المطلوب منه في هذه الدنيا.