كُلما ارتقى الهدفُ اشتدتْ الرَّغبةُ فِي تَحقيقهِ
ـــــــــــــــــــــــــــ
نزار الخزرجي
إنَّ لكل إنسان عاقل، يعي خَلقِ الله له في هذهِ الحياة، هدف يناضل مِنْ أجل الوصول إليهِ، وبطبيعة الإنسان المؤمِن لا يجعل مِنَ المستحيل أداة لردعهِ عَنْ كل ما يسعى إليه، فكلما كان الهدف هو الوصول إلى ارقى ما خلقه الله الإنسان لأجلهِ في هذهِ الحياة الدنيا، كانتْ الوسيلة أسهل عنده. قال الله تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ" [المؤمنون/ 115].
فتحديد الهدف في الحياة أمر مُهم للغاية، فمن خلال الهدف نستطيع أنْ نصل إلى جميع الغايات والأمنيات، وأنْ نحقق السَّعادةَ الحقيقية، ولا شك أنَّ الوصول إلى هدفك سيساعدك على تلبية احتياجاتك النَّفسية والذِّهنية، ويُنمي مداركك العقلية، ويقوّي الإرادة الذَّاتية بداخلك؛ ولذلك قوّة الإرادة مِنْ قوّة الهدف، لأنَّ الإنسان الَّذي يحدد هدفه سيكون له أبعادٌ استراتيجية كبيرة تساعده في تنمية الذَّات، وتكسبه قوّة شخصية وهذا يزيد الثِّقة في النِّفس، وينمي موقفًا ايجابيًا يمكنه مِنَ الاقتراب أكثر بشغف للتحدي مِنْ خلال إجبار نفسه على المثابرة، والجِّد حتى يصل إلى هدفه. وكذلك ينمي شخصية قوية، قادرة على التَّغلب على تحديات الحياة، والهدف الأسمى مِنْ الحياة هو رضوان الله تعالى، وتحقق آمالك في الفوز بالجنان الواسعة الَّتي أعدها الله للمؤمنين مِنْ عباده، وهذا هو الَّذي يجب على كلِّ إنسان أنْ يجعله نُصب عينه للوصول إليه، والغاية في تحقيقه، وأيضا هذا ما أشار له العلماء العاملينَ السَّاعينَ دائمًا إلى تهذيب النَّفس البشرية مِنَ المعاصي أمثال المرجع الدِّيني السَّيد الصَّرخي الحسني (أدام الله فيض علمه) حيث قال موضحًا في التَّمسك و اقتراب الإنسان نحو الصَّلاح والتَّكامل: "ينبغي على الإنسان المسلم اختيار الهدف المهمّ والأوسع والأسمی؛ لأنه كلما كان الهدف ضيقًا وخفيفًا كان أقرب إلى التَّلاشي في ذهن صاحبه، مما يؤدي إلى فتح باب واسع للتَّكالب والتَّزاحم للأمور التَّافهة وبالتالي الدُّخول في المحرّمات الأخلاقية الشَّرعية، وكلما كان الهدف أهمّ وأسمى، قلَّت فيه الأخطاء والقبائح بسبب ما يحصل في ذهنه مِنَ المقارنة بين هدفه المهمّ المنشود وبين الشهوات التَّافهة الرديئة، فيلتفت إلى تفاهتها بالقياس إلى ذلك الهدف مما يؤدي إلى نظافة وسعة روحية الإنسان، فكيف إذا كان هدفه رضا الله (سبحانه و تعالی) الَّذي لا تتناهی عظمته ولا تنقطع قدرته ولا تنتهي نعمه؟! وكلما اقترب الإنسان من هذا الهدف اشتدّت رغبته إليه وأحسّ بعمق أغواره وبُعد منتهاه، وكان ذلك منعشًا لآماله ومؤثرًا في اقتراب الإنسان نحو الصَّلاح والتَّكامل، ويكون مثله الأشخاص الَّذين قال فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف المتقين: [كبر الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم]"، مقتبس من البحث الأخلاقي (السير في طريق التكامل).
فإذا أردتَ الهدف جِدْ وقوي إرادتَك الذِّاتية، واسعى بكلّ جهدك، ورغبتك حتى تصل إليه بأي طريقة كانت، ولا تحجزك العوائق والأزمات، تجاوز كلَّ التحديات التي تصادفها في حياتك وإنْ شاء الله تعالى بعزك، وإرادتك تصل إلى كلّ ما تتمناه في الدُّنيا والآخرة.