هل يمكن أن تدور أحداث بدون مكان محدد تحدث بداخله، أو أن يكون هذا المكان ليس مناسباً لتلك الأحداث؟ بالطبع لا، فلا يمكن أن نرى سيارة تسير بسرعة جنونية داخل أحد المنازل الصغيرة، لتصطدم بشخص ينام فوق شجرة بداخل حجرته، إلا إن كان هذا المشهد في الحلم. ونفس الشئ ينطبق على السينما، فعندما يقوم السيناريست بكتابة نص سينمائي، فهو يضع أمام عينيه الإطار المكاني للأحداث التي يكتبها، حتى وإن كانت أحداث فانتازيا لا تمت للواقع بصلة، يجب أن تدور داخل إطار مكاني يعبر عن تلك الأحداث ويتناغم معها، وهذا هو الدور الذي يؤديه الديكور السينمائي، فبحسب طبيعة السيناريو يقوم مصمم الديكور بتصميم المنظر أو الإطار المكاني للأحداث، فالديكور السينمائي يستمد روحه من السيناريو.

من أوائل الأفلام المصرية التي استخدمت الديكور السينمائي الواقعي، فيلم "العزيمة" ١٩٣٩، حيث قام مصمم الديكور سامح ولي الدين، بإدخال عوامل الزمن على المنظر السينمائي من خلال تساقط زجاج أبواب الشقق، وتساقط الحوائط بسبب الإهمال، ليتماشى الديكور مع نص الحوار ومع الجو العام للفيلم. وأيضاً في فيلم "دنانير" ١٩٤٠ بتجسيده لمشاهد الصحراء عن طريق تشكيل الوديان والسهول والجبال.

وظل شكل الديكور الواقعي للأفلام المصرية يتطور شيئاً فشيئاً، إلى أن أصبح أكثر واقعية في أفلام مثل "الفتوة" للمخرج صلاح أبو سيف ١٩٥٧، حيث قام مصمم الديكور ببناء سوق خضار كامل بأدق تفاصيله داخل استوديو النحاس، يوحي لمن يشاهد الفيلم بأنه سوق خضار حقيقي، وأيضاً فيلم "بداية ونهاية" و"زقاق المدق"، وغيرها من أفلام الواقع على مدار ثلاثة عقود. وظل يتطور ويصبح أكثر تعبيراً عن الواقع حتى نهاية الثمانينات، كأفلام الزعيم، وبين القصرين، والكيت كات. ثم حلت سينما المقاولات خلال فترة التسعينات، وساءت الأحوال بها على جميع عناصر الأعمال السينمائية، ومن ضمنها الديكور، فأصبح مجرد خلفية للأحداث الدائرة أكثر منه تعبيراً عنها.

إلى أن وصلنا للألفية الثالثة وأصبحنا نعتمد على التكنولوجيا الحديثة أكثر من الطرق التقليدية، فأصبح القائمون على صناعة الأفلام يعتمدون على المؤثرات المرئية التي تقوم بها برامج الكمبيوتر، كالكروما الخضراء وتبديلها بالخلفيات المناسبة للأحداث، هذه التقنية الحديثة نجدها على مستوى الأفلام المصرية في فيلم "الفيل الأزرق" على سبيل المثال.

كيف تجد تأثير التكنولوجيا على الديكور السينمائي، وهل أنت ممن يفضل الديكور بالأفلام القديمة أم الحديثة ولماذا؟