لم قام المحتل بإحراق مكتبة الإسكندرية بإيعاز من ثيوفيلوس، بطريرك الإسكندرية ولم قام هولاكو؛ زعيم المغول بإحراق مكتبة الحكمة ببغداد أبان دخوله إليها وبساعدة مستشاريه ولم قام المحتلون بإحراق وتدمير مكتبة الجامعة القائمة بمدينة لوفين فور دخولهم للمدينة وسيطرتهم عليها؟ في رأيكم، ما السبب أن جميع المحتلين راغبون بتدمير المكتبات وحدهما بينما يتركون أماكن اللهو والغناء صاخبة؛ بل ويشجعون على انتشارها وتفشيها؟
لم المحتلون دائما يعمدون إلى إحراق المكتبات؟
لأن المكتبات كانت دائما أخطر من الجيوش، فهي لا تملك سلاحا ماديا، لكنها تغيّر طريقة التفكير، والاحتلال يدرك أن بقاء الذاكرة أخطر من بقاء الحجر أما أماكن اللهو، فهي ليست تهديدا، بل وسيلة لتخدير الوعي وإشغاله عن طرح الأسئلة.
في التاريخ، لم يكن حرق الكتب فعلا انتقاميا فقط، بل محاولة لإعادة كتابة الوعي الجمعي من الصفر، كما حدث في بغداد حين غرق الحبر في دجلة ولذلك، لا يخاف المحتل من الأغنية، بل من الفكرة التي تغير مسارها.
السؤال الأهم ربما ليس لماذا أحرقوا المكتبات؟ بل: كيف نعيد بناء وعيٍ لا يُحرق بالورق؟
التعليقات