كل حصوني تهاوت، ولم يبقَ مني إلا أنقاضٌ هشّة تذروها الرياح كما تشاء....
أرجع لنفسي مرارًا، أبحث بين أركان روحي عن إجابة، لكن السؤال يظل معلقًا في فراغ قاتم:.. ليش أنا؟.. هل كنت أستحق كل هذا الوجع؟... ليش تبدو الحياة وكأنها صماء، ما تسمع أنين قلبي؟... لا أحد يفهمني، لا أحد يشوف تلك الشروخ العميقة اللي تملأ داخلي، ولا أحد يكترث لرماد الأحلام المتناثر في أعماقي....
كم كنت أظن أن الحب والاهتمام أبسط حقوقي، لكن طلع مجرد سراب بعيد.....
كانوا أقرب لي من وريدي، لكنهم ما كانوا إلا سكاكين مغروسة في خاصرتي....
أخذوا طيبتي وحولوها سلاحًا ضدي، مزقوني دون أن يرمش لهم جفن، حتى تحولت إلى ظل باهت، مجرد هيكل يحمل وجعًا لا يُرى....
كلما انكسر شيءٌ في داخلي، اعتقدت أنها النهاية، لكنهم كانوا دائمًا يجدون ما يحطّمونه من جديد.....
كرهت ضعفي، فلبست قناع القوة، أقنعت الجميع أني بخير، ضحكت بصخب، تكلمت كثير، تصرفت كأني أعيش أجمل الأيام، لكن داخلي كان يبكي بصمت....
كنت مشهدًا متقنًا للخداع، بينما كل نبضة في قلبي تصرخ أنقذوني! لكن ما حد سمع، أو يمكن سمعوا وتجاهلوا....
حاولت الهروب، ما عدت أريد أكون لعبة في أيديهم، ولا ضحية دائمة لخيباتهم....
لكن الهروب ذاته كان متاهة جديدة، وأدركت أني مهما ركضت، بظل محاصر بين قضبان الخذلان.....
الوحدة تخيفني، لكنها الوحيدة اللي ما خذلتني، الوحيدة اللي بقيت معي، حتى وإن كانت ظلامًا يبتلعني.....
أحمل في داخلي سوادًا لا يتبدد، نظراتي ما عادت كما كانت، تملؤها قسوة ما عهدتها في نفسي......
ليالٍ ثقيلة تأبى أن تنتهي، وكوابيس تقتات على بقايا أحلامي.... أسأل الله العوض، لكن أخشى أن يأتي بعد أن أكون قد رحلت....
أشعر بالموت قريبًا، يلامس أنفاسي، يتربص بي عند كل زاوية......
لكن قبل أن أستسلم، أريدهم أن يعرفوا أني أحببتهم رغم كل شيء، ما كنت سيئًا كما ظنوا، ما طلبت أكثر من لمسة دفء، من كلمة تسند روحي المتعبة، لكنهم رفضوا حتى ذلك.....
واليوم، أدركت أن من يُحرم من الشيء قد لا يعطيه، ولكن ليس لمن حرمه منه.....
ما عاد هناك ما يُقال، سئمت كل الكلمات، كل التبريرات، كل النداءات الصامتة....
الآن، ما أريد إلا أن تهدأ هذه العاصفة في داخلي......
بأي طريقة......
بأي ثمن.....
التعليقات