تعيش غزة منذ سنوات طويلة أوضاعاً إنسانية مأساوية، في ظل الحصار والاعتداءات المتكررة، مما جعل أهلها يعانون من نقص شديد في الغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية. فالوضع الإنساني في غزة هو أزمة تلامس كل جوانب الحياة، حيث يعيش الملايين من السكان في ظروف قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. هذه الأزمة المستمرة ليست مجرد أرقام وإحصاءات، بل هي واقع يومي يعيشه أهل غزة، الذين يواجهون الحصار، والتدمير، وفقدان الأحبة.

على مدار السنوات الماضية، كان أهالي غزة يعيشون تحت حصار اقتصادي خانق فرضته إسرائيل منذ عام 2007، والذي أثر بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان. كما تعاني البنية التحتية من تدهور شديد نتيجة القصف المستمر، حيث تم تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس، مما يزيد من صعوبة الحياة داخل القطاع. يعاني الأطفال، وهم الشريحة الأكثر ضعفاً، من آثار نفسية وجسدية كبيرة بسبب العنف المستمر، فيما تفتقر المستشفيات إلى الإمكانيات اللازمة لعلاج الجرحى والمصابين

في ظل هذه الظروف القاسية، يعاني أهل غزة من تداعيات مباشرة على حياتهم اليومية. الحصار الخانق تسبب في نقص المواد الأساسية، مما جعل الحياة أكثر صعوبة، حيث يعاني الناس من انقطاع الكهرباء والمياه بشكل متكرر. كما أن الخدمات الصحية تدهورت بشكل خطير، حيث يفتقر القطاع الطبي إلى الأدوية والمعدات اللازمة لعلاج المرضى. في كثير من الأحيان، يجد الأطباء صعوبة في إجراء العمليات الجراحية بسبب نقص الإمكانيات، مما يؤدي إلى وفاة العديد من المرضى.

الأطفال، الذين يمثلون شريحة كبيرة من سكان غزة، يعيشون في ظل خوف دائم من الاعتداءات المتكررة. هؤلاء الأطفال يعانون من صدمات نفسية جراء العنف الذي يشهدونه، بالإضافة إلى تدمير مدارسهم ومنازلهم. هذه الظروف تدفع بالكثير منهم إلى فقدان الأمل في مستقبل أفضل، وهو ما يعكس مدى تأثير هذه الأزمة الإنسانية على الجيل القادم.

من منظور إسلامي، ما يحدث في غزة يعتبر قضية ذات أبعاد دينية وإنسانية. الإسلام يدعو إلى نصرة المظلومين ودعم المحاصرين والمحتاجين، وهو ما ينطبق على أهل غزة الذين يمثلون رمزاً للصمود والمقاومة في وجه العدوان. من الواجب الشرعي والديني على الأمة الإسلامية أن تتكاتف من أجل دعم أهل غزة، سواء بالدعاء لهم أو بتقديم الدعم المادي والمعنوي.

إن صمود أهل غزة ليس مجرد مقاومة عسكرية، بل هو أيضاً مقاومة للحصار والجوع والمعاناة اليومية. وعلى الأمة الإسلامية أن تدرك أن دعم غزة هو واجب ديني وإنساني في نفس الوقت، لأنهم يدافعون عن حقوقهم المشروعة في الحياة والكرامة، وفي حماية أرضهم ومقدساتهم.س

نسأل الله العلي القدير أن يفرج كرب أهل غزة، وأن ينصرهم على من ظلمهم. اللهم كن لهم عوناً ونصيراً، وارفع عنهم البلاء والكرب، وارحم شهداءهم واشف جرحاهم، وفرّج همومهم. اللهم اجعل لهم من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، واجعل لهم نصراً قريباً. اللهم احفظ أطفالهم ونساءهم وشيوخهم، وأعنهم على تجاوز هذه المحنة. آمين.