السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصتي الشخصية مع مرض التوحد وكيف غير مجرى حياتي
لكن قبل أن ادخل في التفاصيل .. أريد أن ابدأ بمقدمة بسيطة
كل إنسان يولد في هذه الحياة يأخذ مصيره الذي يجب أن يتعايش معه مهما كان ولأن هذا تقدير من الله عز وجل
لايعلم الإنسان عنه شيئًا ولايمكن ان يكون محيط بأسبابه او نتائجه او وقت حدوثه كله في علم الغيب لايعلم به الا الله تعالى
وكل الحوادث والمواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية هي جزء من الإختبارات التي تؤكد له تحمله وثباته
البعض يستسلم والبعض يكافح لأجل أن يعيش الحياة حتى لو لم يكن فيها أي أمل بنسبة له .. كل ماتحاول فعله أنك تستدخم أساليبك للعيش ..
كيف بدأت حياتي مع مرض التوحد وكيف بدأت طفولتي مع هذا المرض
أعرف ان كل ماسأقوله الأن لن يعود لي بأي نفع .. لن يقدم حلول لما عانيته
لكن سأقول تجربتي وقصتي ربما أجد من يتشابه معي .او على الأقل تكون مشاعره قريبة من فهمي
فلنبدأ ...
لقد كنت صغير قبل أن أدرك أنني مصاب بمرض التوحد
حتى عندما عرفت أنني مصاب بمرض نفسي
لم أفهم موضعي مع هذا المرض كنت أظن أن كل شيء مهيئ بنسبة لي
كنت حينها قد تركت الدراسة لأنني اكرهها وألتزمت في البيت أصادق الحاسوب
كنت أظن ان هذه الراحة الأبدية .. لكن كنت أعلم من الداخلي أن هناك شيئًا خاطئًا شيئ يجعلني احيانا متقلب المزاج
أبكي .. وأصرخ .. واؤذي نفسي .. كنت أتعمق الحزن والعزلة والعجز والفراغ .. لم يكن بإمكاني تحديد حالتي ومشاعري وإلقائها
في الوقت نفسه .. لشخص من عائلتي لانني لم أعتاد على ذلك .. حتى الأن لا اقدر على التفكير بذلك ..
مرضي النفسي تم إكتشافه مؤخرا . . لم يكن إكتشافه مبكراً .. لذلك عندما تدهورت حالتي النفسية كان علي أن اذهب لمركز نفسي
بإقناع من عائلتي وأن هذا لأجل مصلحتي .. لم أكن مقتنع لكن بطريقة ما أقتنعت عندما جعلوا هذا بمقابل أنهم يقتنون لي ما
أريد .. وذهبت ... و بصراحة كنت خائف ومرعوب لأنني أشعر ان الأماكن الجديدة بنسبة لي مكان يهدد موضع الأمان النفسي
بنسبة لي .. المركز لم يكن حكومي لذلك كان يجب أن ندفع مقابل كل جلسة مبلغ 300 ريال .. الخلاصة من كل هذا أنني لم أقتنع
بالمستشار النفسي لم يعجبني حقًا .. لكن خرجنا بأدوية للمرض النفسي
استقريت عليها لبعض أشهر بعدها أهملتها .. ولم أقل لوالدتي أنني تركتها ..
وعندما علمت بالأمر أنزعجت و سألتني لماذا تركنها .. لايصح أن توقف الدواء بنفسك .. تحتاج للإستشارة طبية لذلك ..
الدكتور هو من يقوم بذلك العمل ليس أنت .. قلت لها لا أريد ادلواء .. أنا أفضل حالاً من دونه .. عندما عدت وأخذته أظهر الدواء
تأثيرا عكسيًا وعندما رأت والدتي انني انالم بسبب التأثير العكسي لهذا ادلواء جعلتني أوقفه رغم أنها كانت قلقة من إنهيار حالتي النفسية
مضت سنتين على ذلك .. كانت الأمور على مايرام .. وكن أتابع حياتي .. لا استطيع أن انصف مدى السوء والحماقة التي كنت
عليها وقتها .. ربما لأنني كنت مغيب عن حقيقة نفسي .. صحيح أن الحال حاليا لايقارن بما كنت عليه سابقًا لكنه أفضل بكثير
من ناحية إستبطان المشاعر ومعرفة الواقع وتعمق النفس .. المهم عندما تركت الدواء وأستقرت الأمور معي ..
لم أكن أعلم أن الوقت سيأتي لأخوض تجربة لم أخضها ابدا في حياتي .. تجربة أستمرت لسنتين وعدة أشهر
تجربة جعلتني في البداية مرعوب وقلق وفي النهاية عندما خرجت منها ظلت كابوسي الذي لايغادرني وياتيني احيانا في منامي
لقد كنت مقيم في مركز لإعادة التأهيل العقلي والسلوك النفسي .
لقد كانت صدمةكبيرة بنسبة لي عندما قالت لي والدتي أنني سأترك المنزل
وأذهب لأخوض تجربة مع أشخاص غرباء علاقتي معهم لم تكن مريحة
البعض كان لطيف معي والبعض الأخر يتظاهر بذلك
لقد مررت بأسواء مواقف حياتي في هذا المكان
سوء المعاملة , الضرب , النظام التسلطي , الأمور الصغير التي يتجاوزها المقيم او يفعلها دون قصد تعتبر بنسبة لهم مصائب كبيرة ,
غرف مشتركة مع طلاب أخرين كان الفارق الوحيد بيني وبينهم أنني متعقل وعاقل ومستبصر لكل مايحدث حولي
لكن الأخرين مجرد ارواح هادئة مسالمة تحتاج لمن يراعها ويعطف عليها .. شعرت بالحزن والأسى عليهم وعلى حالي ..
ومرات كنت أتسائل مع نفسي .. هل يعجبهم هذا المكان .. لماذا لايخبروا عائلتهم عنه وأنهم قد ملوا منه وأنهم يحتاجون لأن يشعروا أنهم وسط عائلتهم .. بين أشخاص يعرفون مدى أهمية هذا الشخص والإلتزام برعايته وفهم مشاعره
كنت أشعر انني احاول معرفة حقيقة شعورهم الداخلي لقد جسدت بدلا عنهم المشهد لأنني اعرف لو كانوا بعقولهم مثلي تمامًا
كانوا سيشعرون بنفس الشيء . كيف لا وعيونهم البريئة تقول لي الكثير .. لقد كنت حزين لكل ماحصل لي .. عندما أحزن لنفسي
وأرى حزن أخر لشخص غيري تتضاعف أحزاني ... وتعجز كلماتي عن وصف حالتي ..
كنت أشعر بالغربة والضياع كنت ايظا خجول وهادئ ورأسي في الأسفل .. لكن كل ذلك بدأ يختفي عندما أعتدت على المكان وأصبحت جزء منه حتى أنني كنت أتفاخر بنفسي
لأنني كنت أظن ان الأمور ستظل هكذا هادئة ومريحة لكن لا .. ليس لأجلي .. ليس لهدوئي الذي عصف بداخلي .. وجعلني
أرى مدى الإنطباع الشيء الذي يمكن أن ينقله الإنسان إلى إنسان أخر ليس بمدقروه أن يتحدث ويدافع عن نفسه . لأنه ليس بمكانه ولا أحد أن يستطيع أن يكون شاهد له .. الكل غريب لأنني كنت أظن أنني قريب منهم لكن نواياي النقية كانت عكس نواياهم التي تجري حسب مايكون عليه موقفهم او مشاعرهم حسب مايعجبهم ويكرههم .. ليس لهم نوايا محددة .. يتصرفون وكأنهم فوق النظام الذي تم تقيدنا بهِ نحن الخرفان
كنت قريب من فقدان عقلي لكن الحمد لله أنني أستطعت أن انجو من كل ذلك وخرجت من كل تلك الفوضى المرعبة
كان يدور في رأسي الشك واجهت أيام صعبة وتملكتني الوحدة والعزلة في النهاية
لاشيء محدد أو مرغوب في حياتي
كل شيء أصبح مقرفًا ومكتظًا ..
والمصير لا احد يستطيع تغييره لأنني لم أستطع ذلك
لا صديق في هذا العالم
لاشيء لأجلي
التعليقات