لمعرفة قصّتي من الأول :

مساهمتي الأولى : رحلتُ بعيدًا عن أهلي.

لي الآن أربعة أيام منفصل عن أهلي بعد أن قررت الانفصال لبناء طموحاتي وأحلامي ، ليست تلك الأحلام الورديّة أيام الصغر ، سأصبح ممثل مشهور أو مغني مشهور ، فقط أريد حريتي الشخصية ، لستُ ضد القوانين التي تكون حد للتجاوز ولكن أريد حقّي ، أريد أن أمارس هوايتي ( التصوير ) مثل جميع الشباب في سني الّذين يقومون بممارسة هوايتهم ومواهبهم ، أريد أن أعيش كباقي الأشخاص ، للأسف طفولتي لم أعشها كباقي الأطفال ، لهذا أريد أن أعيش شبابي كباقي الشباب ، أتجدون شخص العام المقبل سيدرس في الجامعة وأهله يمنعوه من الخروج من البيت مع الأصدقاء ؟! يالها من حياة فعلًا ، لا أريد المال أريد الحريّة البسيطة التي يطمح إليها ( حاشا الجميع ) أي حيوان ، ولكنّي أصبحتُ للأسف كذلك الحيوان المكبّل المقيّد في مساحة 6×6 ويأكل ويشرب ويتنفس فقط !!!

قررت الخروج من جحيم لعيش في جحيم آخر.

قررت الرحيل بعد عناء طويل من محاولات الإقناع والترجي ، صارحتهم بما أشعر مع أنني شخص كتوم جدًّا ولكن أجبرتُ نفسي على البوح لهم بجميع خصوصياتي ( قد يجد البعض أنه لا خصوصيات مع الأهل ، ولكن أنا كذلك ، لدي خصوصيات وأسرار لم أشاركها مع أحد في العالم ، فقط مع ربّي بعد الصلاة ) ، صارحتهم بما أشعر من عمق في حالة نفسية سيئة سوءً ما بعده سوء.

أنتَ لا تعرف مصلحتك ، الدراسة أهم شيء ، الحياة الاجتماعية وتكوين الصداقات و....إلخ ملحوق عليها ، الموهبة لا تأكل عيش.

هذا مقتطف بسيط يعبّر مبدئيًّا عن عقلية أهلي الّتي قاموا بتحطيمي بها وجعلوني لا أرى حتّى فوتون واحد من الضوء يعبّر لي عن الأمل وسط ظلامٍ داكن.

أنا حتمًا أعرف مصلحتي وأعرفها أكثر من أهلي ، لأني مدرك متطلبات العيش في وقتنا هذا ، مدرك لماذا الله خلقنا ، أمّا أهلي فقط الحياة لديهم : دراسة وتكوين مال منها وعيش حياة كريمة.

كأن الله خلقنا فقط لهذا ، أي نعيش حياتنا للدراسة وتكوين المال دون ترك حتّى فجوات بسيطة للحياة الاجتماعية ، مع أن الحياة الاجتماعية جزء لا ينفصل في الغالب ( بالذات مع حالتي ) عن موضوع الدراسة وتكوين المال.

أشعر الآن بتشتت عميق وحيرة أعمق وتساؤل أكثر عمقًا عمّا سيحدث معي ؟! هل يمكن لذلك الشخص الضعيف بناء نفسه بنفسه ؟!! كيف سأكون بعد سنة من الآن ؟! هل سأحصل على تلك الحرية التي يطمح إليها أي شخص بسيط ؟!!!

لا أعلم إن كان يمكنني الرجوع بعد ما أكمل دراستي وأصبح ذلك الشخص الّذي أريده أو السؤال المعني أكثر هو هل سيتقبلني أهلي عند الرجوع إليهم بعد سنين من الرحيل ؟!!

منذ ساعتين اتّصلت بأمي على هاتف أرضي ، انصدمت عندما سمعت صوتي ، لا أعلم ولكن من خلال كلامها لاحظتُ أنّها تحاول إمساك دموعها قدر الإمكان.

أنا : أمي ؟!!!

أمي : لم ترد عليّ وبدت وكأنها مصدومة ، ثمّ قالت : لماذا فعلتَ هكذا يا بنيّ ؟!

أنا : أنتِ أكثر شخص تعلمين بسبب فعلتي يا أمي.

أمي : أنتَ صغير ولا تعرف مصلحتك ، من غرر بك ؟! ( للأسف لم تتراجع عن تفكيرها وعقليتها التي كانت عليها قبل هروبي من المنزل ).

أنا : لستُ صغيرًا ولكن أنتم تروني صغيرًا لأنكم تحبسوني فلم تجعلوني أكبر كما أريد مع أن عمري 18.

من هنا تركت أمي النقاش عن هذا الموضوع وبدأت بالتحقيق معي عن مكاني ومع من أعيش ؟!! وإلى متى سأبقى هاربًا.

طمّنتها علي وقلتُ لها أني بخير وآكل وأشرب وأحوالي جيّدة ، ثمّ قالت لي بمعنى : وفقك الله وأرجعك إلينا.

أمّا بالنسبة لأبي فلم يرضَ حتّى مكالمتي ، وقد هددني عندما كان جالسًا بجانب أمي خلال مكالمتي لها ، وتوعّد بقتلي إن لاقاني.

للأسف شعرتُ في تلك اللحظة وكأني فتاة هاربة من أهلها وعريسها في يوم زفافها.

أشكّ في أن يقوم بقتلي حرفيًّا ولكنه سيقوم بممارسة تلك العبودية البشعة عليّ أكثر من السابق دون تأكيد.

أعلمتم الآن سبب رفضي للرجوع.

أهل مكة أدرى بشعابها وأنا أدرى بعقلية أهلي جيّدًا ، الشخص الوحيد الّذي ندم على هروبي هي أمّي ، أما عمي وأبي ليسوا كذلك ، فهم يعتقدون أن الآباء يحددون مصير الأبناء وليس كذلك فقط ، بل يتحكمون في تفاصيل حياتهم اليوميّة.

قد يستغرب البعض من مشاركتي لهذه التفاصيل الشخصيّة هنا في حسوب.

فنظرًا لأن حسوب في الغالب لا يوجد به الفكر التقليدي الجاهلي الّذي أهلي عليه ، أريد الدعم المعنوي وبعض الآراء والنصائح الّتي تفيدني في المسيرة الوعرة المصيرية التي سأقبل عليها بعد أسبوع ، فسأنتقل إلى الشرق الليبي لإكمال حياتي ( أو لبدأ حياتي بالأصح لأني لم أكن حي قبل لحظة الرحيل ).

وفي الآخر سأقول تبًّا للعبوديّة.

ولفّي بينا يا دنيا.

مستعد للإجابة عن أي سؤال أو استفسار.