تتعدد الحوافز التي تدفع بالمرء ليفكر في الاستقلالية بذاته بعد ولوج مبلغ من العمر فلكل من خاض تجربة الاستقلال بنفسه عن الأهل والعيش بمنأى عن العائلة على نفقته الشخصية كيف كانت تفاصيل هذه العملية؟ وفي أي سن كانت، والأهم ما إرشاداتك لشخص عاقد النية على فعل ذلك؟
كيف كانت تجربتك في الاستقلال الذاتي عن الأهل؟ وماهي توجيهاتك؟
أتفق تماماً مع بعض الإخوة المعلِّقين في سؤالهم: ما الهدف من الاستقلال؟ هل الهدف هو فقط تقليد الأسلوب الغربي والخروج من المنزل بمجرد الوصول لعمر 18 سنة؟ مع كامل الاحترام، ليس من الضروري أن نقلدهم في كل شيء. أفلام هوليوود تناسب ثقافتهم فقط وليس من الضروري أن تنطبق علينا نحن أيضاً. هناك الكثير من المفاهيم التي تمتلئ بها أفلامهم ومسلسلاتهم قد تبدو برَّاقة لكنها في الحقيقة تنطبق في نطاقات ضيقة ومحدودة فقط وليس على العموم. بالمناسبة، الآباء في تلك الدول يتوقعون خروج الأبناء في ذلك السن بل وينتظرونه على أحر من الجمر على أمل التقليل من مصاريفهم والتخلص من مسؤولية الأبناء والعيش بحرية أكبر في بيوتهم مع صديقاتهم أو زوجاتهم (أو أزواجهم) الجدد، ولذلك ففكرة الاستقلال في الدول الغربية أمر حتمي ومتوقع من جميع الأطراف. أما نحن في دولنا ومجتمعاتنا فالآباء والأمهات بشكل عام أمنية حياتهم هي العيش مع أبنائهم حتى ختام عمرهم. فلا تحرم والديك منك يا أخي الكريم حتى لو كنت تعتقد أنهم ظالمون أو قساة، فبعد أن تفقدهم ستتمنى لو أنك لم تفارقهم وستعرف كم كنتَ صغير العقل حين ظننتَ أنك بخروجك ستعلمهم درساً أو أنهم لا يحتاجونك. هم يحتاجونك لكنهم لن ينطقوا بذلك أبداً. أما إذا كان الاستقلال يعني خروجك من البلد التي أنت فيها والسفر والسعي وراء الرزق وتأمين حياة كريمة لك ولهم ولعائلتك بشكل عام فهنا الأمر مختلف تماماً، وحتى والداك سيشجعانك على اتخاذ هذه الخطوة إذا لم يكن منها بد.
وفر النقود التي ستدفعها كإيجار للبيت ومصروف طعام وشراب وساهم في مصروف البيت الذي ربَّاك. ليس من المعقول أن ينفق والداك دم قلوبهم عليك من مال وتعب وتربية، ثم بمجرد اشتداد عودك وقدرتك على المساهمة تهرب من الساحة وتختفي في جحرك الصغير! والداك أولى من صاحب الشقة التي سـ"تستقل" فيها ومن فاتورة الكهرباء وغيرها من مصاريف لا داعي لها.
التعليقات