التنمر، لفظ تكرر ظهوره كثيرًا في عامي 2017 و 2018، وخاصة بعد صدور المسلسل الأمريكي الشهير 13 reasons why، والذي يناقش شرائط مسجلة لفتاة مراهقة تحكى حالات التنمر التي تعرضت لها، وكيف أل الوضع إلى اتخاذها قرار بالانتحار.
بعد صدور المسلسل بفترة قصيرة، شرع الكثير من نشطاء الفيس بوك إلى التدوين عن تجاربهم الخاصة مع التنمر وكيف أثر هذا على حياتهم الاجتماعية والنفسية، وشاركهم في ذلك عدد كبير من نشطاء الوطن العربي، الأمر الذي جعل منظمة اليونسف العالمية تطلق حملة واسعة لتدوين ضد التنمر، وتوعية الأفراد بخطورته وخاصة على الأطفال، تحت هاشتاج #أنا_ضد_التنمر.
ولكن ما هو التنمر؟
التنمر، هو شكل من أشكال العنف الذي يمارس على الشخص من قبل شخص أخر، أو مجموعة من الأشخاص، ويتنوع هذا العنف ما بين الإساءة اللفظية والنفسية، أو الإساءة الجسدية المتكررة.
خطورة التنمر تكمن في أنها تؤدى إلى عمليات إقصاء لشخص الواقع عليه التنمر من المجتمع، وتجعله يشعر بأنه غير مرغوب فيه ومنبوذ من من حوله، مما يسهل وقوعه عرضه للاكتئاب وأحيانًا الانتحار.
تجربتى الشخصية مع التنمر
تعرضت شخصيًا لتنمر من معلم الرياضيات في فترة تعليمي الثانوية، المعلم الذى من المفترض أن يساعدني على مواجهة التنمر، كان هو المتنمر الوحيد.
كنت في فصل أغلب من فيه يتلقون دروسًا خصوصية لدى هذا المعلم، وبنهاية الشهر الأول ومع تلويحه دائمًا بعصى الخصم من الدرجات، كان جميع الفصل تلاميذه ماعدا شخصى، أنا العبد الفقير.
ظننت بساذجة مخيلتي أن تفوقي، أو حسن مواظبتي للحصص قد يشفع لي، ولكن لا، لم تكن الحياة سهلة هكذا في دنيا الواقع.
"مها محمود....قفِ"
هكذا كان يتحدث بصوته الخشن، ووجه العابس المخيف، ونظره عينيه التي تشع وعيد وتحدى، كان هذا أشبه بطقس يومي، أن يفتح كتاب خارجي للرياضيات ويكتب مسألة تم إعدادها للمتفوقين ويعطيني دقائق معدودة لحلها، هيهات إذا حللتها قبل الوقت، فأنا حينها في نظره فتاة مغرورة بذكائها، وهيهات إذا لم أكتشف حلها في الوقت المناسب، فيعد قائمة طويلة من الاستهزاء بمن يمدح في مستويا العلمي في مادة الرياضيات، ثم قائمة طويلة أخرى من التهديدات الغير مباشرة عن ماذا سيفعل الأشخاص مثلى في امتحان الشهر القادم، وهم لا يملكون مدرس عبقري مثله.
كنت أتحمل كل ذلك، أجبرت نفسى على التحمل على الأقل، تحملت تنمره متعدد الأشكال، وتحملت صمت أصدقائي عن الوضع، ولكن لم أتحمل لجوء أحد التلاميذ إلى افتراء كلام لم أنطقه لكى يحظى ببعض درجات الإضافية لديه.
ربما تحملت التنمر-وكان هذا خطأ بالطبع- لكنني لم أستطيع تحمل الافتراء، وخاصة عندما ذهبت إلى المدرسة لأكتشف أن هناك قصة رائجة تقول أن مها محمود ذهبت إلى معلم الرياضيات تعتذر له ولكنه طردها خائبة الرجا.
طفح الكيل هنا، قررت أن اوجه الأمر بشجاعة، أخبرت أبى وجاء وأتخذ موقف صارم معه، واجهت معلمي أمام المدير وأخبرت الجميع بكل شيء، الإخصائية الاجتماعية، المعلمين الذين أثق بهم، وحتى الطلاب المتعاطفين. جميعهم أعطوني الدعم الذي أحتاجه، فبنيت لنفسي جبهة من الداعمين الذين وقفوا معي وساندوني حتى أنهيت عامي الدراسي الأول في الثانوية بتفوق، بل وتغلبت على تلاميذه أيضًا.
كانت بمثابة معركة حياة أو موت بالنسبة لي، فأما أن أدع المتنمر يتفوق على أو أنهي سيطرته على للأبد، كل ما تطلبه الأمر أن أمتلك الشجاعة الكافية لأحكي، وقد نجح الأمر، لذلك شاركني أنت أيضًا وأحكى لي تجربتك الخاصة مع التنمر، حديثة كانت أو ماضية، ربما يساعدك الأمر على تجاوزها.
التعليقات