اعتدت منذ صغري على أن يصفني الناس بالبنت الهادئة جدا الطيبة الخجولة.. وظل هذا الوصف ملازما لي حتى بعد أن كبرت وتفوقت دراسيا وتخرجت من الجامعة وعملت وإلى يومنا هذا، فقط أضيف لها صفة المتدينة جدا .. والحق أن هذا الأمر لم يكن يعنيني كثيرا في البداية ولكن مع مرور الزمن صرت أتبرم منه.. وأكرهه بشدة، إذ صار يعني بالنسبة لي كل ما هو سلبي في شخصيتي.. فقد وجدتني لا أحيا الحياة التي أريدها، لا أعمل العمل الذي أحبه؛ إذ لم أتمكن من الفوز في أي مقابلة عمل لقلة ثقتي بنفسي وعدم قدرتي على التعبير عما يمكنني أن أعمله، على الرغم من أن لدي الكثير بالفعل لأقدمه .. دائرة علاقاتي الاجتماعية محدودة بشكل كبير.. صداقاتي قليلة وبعضها ليس سوى زمالات عمل أو دراسة.. تأخر زواجي (أرجعت ذلك لمحدودية علاقاتي الاجتماعية أو قد لم أتمكن من إقناع أحد بشخصيتي فيقدم على الارتباط بي).. . أشعر بالخوف من كل شيء تقريبا.. أخاف تجربة الأمور الجديدة، أخشى التعرف إلى أناس جدد، بل وأخشى تعميق علاقاتي بمن أعرفهم من قبل.. بداخلي أفكار كثيرة ووجهات نظر عن الحياة .. بداخلي تقييم لكثير من الناس من حولي.. بداخلي غضب تجاه آخرين.. ولكن كل هذا مكبوتا في صدري، ولا أحسن التعبير عنه؛ لأنني أخشى أن أحرج هذا أو أجرح هذا.. أخشى أن أبدو ضعيفة إن عبرت عن غضبي أو غيظي من أمر ما.
عند وصولي لهذه النقطة في حياتي، وإدراكي لهذه الصورة التي أعيش بداخلها.. صورة الماء الراكد الذي يتصور الجميع أن لا حياة فيه لسكونه وعدم انفعاله، عند ذلك أدركت لماذا كنت في أعماقي- وما زلت- أتبرم مما يصفني به الناس دائما.. لأنني وإن كنت في عقلي اللاواعي لا أستحسن هذه الصفات إلا أنني أدركت أنها لم تكن تذكر إلا ويراد بها الذم.. فهادئة جدا وخجولة لم تكن تعني الرقة والأدب وإنما كانت تعني قليلة الكلام وغير لطيفة ومملة... وطيبة لم تكن تعني الوداعة والمسالمة وإنما كانت تعني قلة الحيلة وعدم القدرة على التصرف كما ينبغي ودفع الأذى عن النفس .. كثيرا ما أحلم أنني أريد أن أصرخ في أحدهم فلا يرتفع صوتي بالقدر الذي يتناسب مع كم الغضب الذي أشعر به حياله.، وأقوم من هذه المنامات بصدر منقبض وإحساس بالعجز لا يوصف.. فكرت أن أذهب لمعالج نفسي أو مدرب حياة Life Coach.. أو لست أدري تحديدا.. أي إنسان أخرج له ما في قلبي ويسمعني .. يعينني على أن أتجاوز هذه المشاعر السلبية التي أشعر بها باستمرار.. ولكنني لا أعرف حقا إن كان لهذا الأمر جدوى، وإن كان سيساعدني بالفعل في أزمة عميقة بداخلي من سنين كهذه أم لا .. هل جرب أحدكم الاستعانة بمعالج نفسي أو شيء من هذا القبيل ليعينه على تجاوز مشكلة ما راسخة بداخله من قبل؟.. وكيف كانت هذه التجربة؟
التعليقات