إنّ لكل مجتهد نصيب ، في إحدى الفترات الحاسمة من حياتي كان هذا المثل راسخًا نُصب عيناي ، لايفارق تكراره عقلي الباطني ولا أتوقف عن إبداء إعجابي في هذه المعادلة الحياتية البسيطة والعادلة ، في عام 2015 دخلت الثانوية العامة وأنا أحمل أحلام 12 سنة مكدسة ، مُجهزًا نفسي بكتبٍ دراسية قد تزن ضعفي وزني ، وأجود أنواع الإقلام على الإطلاق ( كان ثمن القلم دينارا :) ) ، وغرفة دراسية هادئة ، أمارس فيها فنون القتال المخلتفة على الكتب ، فتارة أتصارع وأنا وكتاب الأحياء ، فتكون لي الغلبة في غالب الأمر ، وتارة أخرى أتسامر أنا ومسائل الرياضيات المعقدة حتى منتصف الليل ..

أتعلم ؟ إن هذا الأمر يروق لي بحق ، الثانوية العامة ممتعه ! ، نعود الى الوراء قليلًا ، أمم سنتين قبل الثانوية العامة ،، أنا مجرد شاب لا أتوقف عن العمل والتفكير ، أود أن أفعل وإنشئ وأطوّر العديد من الاشياء ، كنت في الصف التاسع ألعب كالأطفال بمختلف الأدوات المتوافرة عندي لإبني جيشًا عسكريًا خياليًا لا يقهره حتى أشد النملات قوة ، ، عقلًا مليء بالتساؤلات ، كيف ولماذا وعن ماذا وما الهدف؟ .

واحدة من أكثر اللحظات شاعرية في تلك الفترة - الصف التاسع - بالنسبة لي دخول الحاسب الآلي إلى هذا المنزل البسيط ، تلك القطعة الفنية البديعة المزوّدة بإسوء معالج حاسوبي على وجه هذه الأرض ، تلك الشاشة التي تعرض الألوان بإفشل طريقة ممكنة ، ولكن ... كنت قد وقعت في حب هذه الآلة . فبدأت ألعب ألعاب الفلاش التي كنت قد دفعت ثمنها مصروفي كاملًا لإشتري فلوبي ديسك غبي يحتوي على 4 ألعاب ، إحداها كانت ( أطلق النار على جورش بوش ، وهي المفضلة لي بالمناسبة) ، ولكن في خضم كل هذا ، بدأت أتسائل كيف يتم عمل مثل هذه الأشياء الغريبة ، أتعلم ؟ لم ألقِ لها بالًا ، فهي مجرد طلاسم لن أفهمها مهما حاولت..

في الصف العاشر كنت قد ختمت ألعاب الفلاش هذه أكثر من عدد سكان هذه الأرض ، حتى أنني بدأت أفوز فيها بمجرد سماع الصوت الذي يصدر من هذه الألعاب، لحظة شاعرية أخرى ، وهي دخول شبكة الإنترنت على منزلنا اللطيف ، كانت الريادة لوالدتي العزيزة بجلب هذا الشيء الغريب ، من هنا بدأت القصة ، جهازي الحاسوبي غبي ، لن يستحمل الألعاب ، دعونا نرى ما الذي يمكن فعله على الشبكة، فهمت بسرعة مفهوم التعلم الذاتي ، حسنًا كيف ذلك ؟

على عكس معظم زملائي ، كنت آتسائل دومًا ، كيف تصنع كل هذه الأشياء ؟ بدأت بطرح الأسئلة على جوجل ، ومرة وأخرى بدأ يتشكل فكر مختلف عن السابق ، عليّ ان أقوم بعمل مثل هذه الأمور ، وكوني على الشبكة ، فلم أجد أمامي سوى مواقع ألكترونية مختلفة ، فوددت عمل مثل هذه المواقع...

يومًا بعد يوم، تزداد مهاراتي بتصميم المواقع الألكترونية ، وبدأت أنضج أكثر وأكثر وأمضي ساعات طوال أمام الشاشة وأنا أتعلم وأكتشف أشياء جديدة ومختلفة في عالم تطوير المواقع الإلكترونية،

بدأت علامات حبي وتعلمي المستمر لهذا المجال تزداد يومًا بعد يوم ، حتى أصبح الأمر جليًا أمام أساتذة مادة الحاسوب في مدرستنا ، فقد كنت أتفوق على زملائي بإشواط في علوم الحاسب ، فقرر أستاذ المدرسة أصطحابي الى جولة تعريفية في الجامعة الأردنية عن عالم صناعة الألعاب الألكترونية أقامتها على ما أذكر شركة تدعى ميس الورد ، وقد حصلت يومها على أربع جوائز بسبب أجاباتي الصحيحة لإسئلة عن خدمات الويب المتعلقة في صناعة الآلعاب ...

فتحت شركة تطوير مواقع إلكترونية وبدأت أجني المال ، كنت علي بابا المدرسة ، كنت أجني الكثير من المال عبر العمل الحر، الكثير الكثير .

فتحت العديد من الخدمات وأغلقتها ، كنت في عصري الذهبي..

أتعلم يا هذا ؟ كل هذا لا يهم ، فلم يكن لي مرشدًا يعينني على الطريق ، كنت أصنع طريقي لوحدي ، -وأخبص- وأتعلم لوحدي...

نعود للثانوية العامة ، علي أن أدرس الطب أو ممم لا لا علي أن أدرس الهندسة المدنية ، كنت أثبت مثلي الأعلى لكل مجتهد نصيب ، أربط نفسي بإخوتي الذي - جميعهم كانوا دكاترة ومهندسين ، كما يقول صديق لي ، إخوتك كلهم بنزين 95 ، كناية عن معدلاتهم المرتفعة لووول - وأدرس كل دقيقة حتى الإمتحانات النهائية....

يا للعار ، أنهيت الفصل الأول بنتيجة مخزية ، سيئة ، تبًا لها ،لكن لماذا ؟!

ساعات الدراسة أين ذهبت ، لماذا لا توجد عدالة في هذه العالم ؟ 11 سنة من التفوق أين ذهبت ؟! لكل مجتهد نصيب أين ذهبت!!

أذكر وقتها أن العلامة المرتفعة الوحيدة كانت في مادة الرياضيات ، والباقي ههه.

تلاشت كل أحلامي ، تدمرت ، تحطمت ، عقلي فارغ ، وأشعر بحالة من اللاوعي ، هل أنا أطير ياربي؟

لم تختلف نتيجتي في الفصل الثاني كثيرًا ، أنا أحمق فاشل متعلق بالعديد من الأحلام الحمقاء مثلي ...

معدلي لن يؤهلني حتى لدراسة الهندسة في أي جامعة في المملكة ، ماذا الآن؟

قدمت للقبول الموحد وأنا أنتظر أن يتم رميي لجامعة في الجنوب أو الشمال ، أو يخرج لي سوء أختيار ، من الحسرة على ظلم هذا العالم قبل تسليم طلبات القبول الموحد قمت بمسح كل الخيارات ، وقلت تبًا للجامعة ، وتبا لحظك الأحمق مثلك ..

قدمت ضي عيناي أختي ، لعبت في مخيخي قبل ساعة من تسليم الطلبات ، يا محمد ، علم حاسوب في الأردنية، نجرب بس أرجوك !!

حسنًا ما الضير في ذلك !؟

أوب ! الحمدلله ! لقد قبلت علم حاسوب في الأردنية ! واو كيف ذلك !!

أكتشفت أنني طوال 12 سنة كنت أدرس في واحدة من أفشل المدارس الحكومية في هذا الوطن ، ولم ينجح في اللواء كاملًا سوى أنا وشخص أخر، فتم قبولنا بآلية مختلفة تمامًا..

  • خلال تلك الفترة كان قد غاب عني تكملة المثل ، لكل مجتهد نصيب وليس كل مجتهد مصيب !

  • علم الحاسوب رائع ! ، تبًا للطب الذي لم أصله أساسًا LOOL

أجد في النهاية أنني خرجت من واحدة من أسوأ الظروف الدراسية والمجتمعية على الإطلاق ،وأجد أن أقدار الخالق قدرت إدخالي علم الحاسوب بمعجزة تكاد لا تصدق ، لأطوّر نفسي بالكثير من الأشياء ، أجد أنني تعلمت وأتقنت مهارات مختلفة بالويب وأنا بالصف التاسع والعاشر واليوم نأخذها في الجامعة كمواد أجبارية ! ، أجد أنني أحطت نفسي بالكثير من الأشخاص الرائعين والمبدعين ، وأن فكري الريادي يتطور يومًا بعد يوم..

بعد هذه التجارب المريرة ، رسّخت علاقتي بخالقي ، يالكرمه ، وعظمته !

على الرغم من أني قطعت طريقي بالتعلم الذاتي لوحدي ، ولكن ، كنت قد أضعت الطريق فعلًا ، فأنا مجرد عاجز أتبع أهواء غير بدراسة ما لا أعلم عنه سوى حرفين ، فأرشدني الله عزوجل الى السبيل الصحيح.

أشكرك لأنك وصلت لهذه النقطة ، لو دفع لي أحدهم 100 دينار لإقرأ ما كتبت مجددًا ، لن أفعل ، تبًا ما أطول بالي !