أمن الدولة هو أحد الأجهزة الأمنية المختصة بأعمال الشغب والإرهاب .. ولديها العديد من المعتقلات التي تمارس فيها التعذيب.
البداية كانت في مطار القاهرة عندما أتيت من السعودية إلى مصر في إحدى المرات .. كنت ملتحي ومقصر ثيابي .. جائني رجل يرتدي بدلة أنيقة وقال: "تعال معي لو سمحت" .. فقلت: "إلى أين؟" .. قال: "لا تقلق لا شيء" .. اصطحبني إلى مكتبه .. وعندما جلسنا بدأ يسألني عن معلوماتي الشخصية وتوجهاتي الدينية .. بعد 5 دقائق انتهى الحوار وقال لي: "تفضل يمكنك الذهاب".
بعد أيام وبعد تأديتي لصلاة العشاء في المسجد اتصل بي رقم غريب ومميز!
قلت: ألو.
ناداني باسم الدلع قائلًا: كيمووو كيف حالك؟
قلت: بخير .. من معي؟
قال: اسمك كريم وعنوانك كذا؟
قلت: نعم.
قال: أهلًا وسهلًا .. اليوم ستشرفني في قسم الشرطة الساعة 10 مساءً .. لا تتأخر لأن التأخير ليس في مصلحتك!
ابتلعت ريقي وقلت: حسنًا سأتواجد قبل الموعد.
كانت الساعة الثامنة والنصف .. بقي ساعة ونصف .. كاد ينفجر دماغي من التفكير .. ماذا أفعل؟ هل أتصل بأهلي وأخبرهم أم ماذا؟ .. اتصلت بهم وقلت عندي مشوار صغير وربما أتأخر لا تقلقوا.
ذهبت لقسم الشرطة .. أخذوا بطاقتي الشخصية وأدخلوني غرفة انتظار فارغة .. بعد دقائق جاء رجل ملتحي ومقصر لثيابه وجلس .. نصف ساعة وامتلأت الغرفة بالملتحين مقصري الثياب حاملي المصاحف والمسابح (جمع مسبحة).
المنظر كان مرعبًا .. قلبي سقط في رجلي .. تذكرت تجاهلي لأهلي عندما نصحوني مرارًا وتكرارًا بحلق لحيتي تجنبًا للمشاكل .. تساءلت لماذا يريدوننا تحديدًا في العاشرة مساءً؟! .. يبدو أننا سننام في المعتقل الليلة! .. حينها أدركت أنها النهاية!
دخل علينا أحد أفراد الأمن ثم ناداني بالاسم كأول شخص واصطحبني لمكتب أحد الضباط في الدور العلوي .. جلست ودار بيننا هذا الحوار:
هو: ما رأيك في الجهاد؟
أنا: بالنسبة لي هو مجاهدة النفس والشيطان.
هو: لكن يا كريم القرآن يأمرك بالجهاد والقتال ضد الكفار أعداء الله .. فضلًا عن الأحاديث .. أليس كذلك؟
أنا: بالعكس كل البشر إخوتي في الإنسانية .. وأرفض هذا النوع من الجهاد الذي يعتبر إرهاب.
هو: ماذا تفعل في يومك؟
أنا: حكيت له تفاصيل يومي العادية .. والتي منها تأدية الصلوات الخمس في المسجد وأعطيته اسم ومكان المسجد كما طلب مني.
هو: طيب لماذا تربي لحيتك؟
أنا: لأني عشت في السعودية فترة طويلة واعتدت على تربيتها كما يفعل الكثيرون هناك .. وأعطيته جواز سفري لأثبت تواجدي هناك.
هو: حسنًا تعال خذ بطاقتك الشخصية واذهب.
أنا في دهشة: ألا يوجد عليّ شيء؟؟
هو مبتسمًا: لو عليك شيء لما تركتك تذهب!
انتهى الحوار بعد 10 دقائق .. نزلت لأسفل وعند خروجي أوقفني رجل الأمن الذي ناداني في المرة الأولى وقال: "إلى أين؟!" .. قلت: "انتهت المقابلة وسأذهب" .. قال: "غريبة! انتظر ثواني" .. اتصل بالضابط وتأكد منه أني سأذهب ثم قال لي: "أنت محظوظ مع السلامة"!
حينها شعرت بتدفق هرمون السيروتونين (هرمون السعادة) وعدت إلى بيتي سالمًا آمنًا :)
في اليوم التالي رأيت وجهًا جديدًا معنا في المسجد! .. كنت أفتح وأغلق المسجد حينها .. كما أؤذن وأصلي بالناس أيضًا .. الغريب في ذلك الرجل أنه كان يأتي إلى المسجد أول شخص ويذهب آخر شخص! .. استمر على ذلك يومين .. وعندما أغلقت المسجد في أحد المرات لمحته ينظر لي من بعيد بطريقة غريبة .. وحينها بدأت أشك فيه!
في اليوم التالي تعمدت الذهاب لمسجد مختلف .. وتفاجأت بأنه جاء معي .. بل وينظر لي ونحن في المسجد! .. حينها جاء في بالي أنه أحد أفراد أمن الدولة ومهمته هي مراقبتي .. ربما يكون كذلك .. لا أعلم.
بعد أسبوع اختفى ولم أره مرة أخرى .. ومن تلك اللحظة قررت حلاقة لحيتي تجنبًا للمتاعب.
شاركونا بآرائكم .. وتجاربكم مع الشرطة –إن وجدت- :)
التعليقات