كنت أتحدث مؤخرًا مع أحد أقاربي، وكان واضحًا عليه الضيق. لم يكن منزعجًا لأنه ارتكب خطأ أو آذى أحدًا، بل لأن الناس اعترضوا على اختياراته. كان يعرف في داخله أنه لم يفعل ما يستحق كل هذا القلق، ومع ذلك يشعر بثقل كبير كلما سمع تعليقًا أو رأيًا مخالفًا.
ما لفتني في الحديث أنه لم يكن يبحث عن تصحيح مساره، بل عن راحة لا يجدها. كان يعيد التفكير في نفسه مرارًا فقط لأن الآخرين لم يرضَوا، ويمنح كلماتهم مساحة أكبر من شعوره الداخلي.
هذا الموقف أعادني إلى تجارب كثيرة نمر بها جميعًا. أحيانًا لا نُرهق أنفسنا لأننا مخطئون، بل لأننا لا نحتمل أن يرانا الآخرون بشكل مختلف عمّا اعتادوه. نخاف من الوصف، ومن سوء الفهم، ومن الخروج عن الصورة المألوفة.
الثقل في الغالب لا يأتي من الناس وحدهم، بل من داخلنا. من حاجتنا الدائمة للقبول، ومن خوف قديم من الرفض، ومن تربية ربطت بين رضا الآخرين والشعور بالأمان، حتى لو كان الثمن راحتنا النفسية.
في كثير من الأحيان، المشكلة ليست في الآراء ذاتها، بل في المساحة التي نسمح لها أن تحتلها داخلنا. ومع الوقت، قد نكتشف أن أكثر ما يُتعبنا ليس ما يُقال عنا، بل محاولتنا المستمرة لإرضاء الجميع على حساب أنفسنا.
التعليقات