منذ عدة أشهر كنت قد انعزلت قليلاً وابتعدت عن كل ماهو حي.. جسداً بلا روح يتجول بين أروقة المنزل.. بقيت عدة أسابيع بين نوم طويل وطعام وصلاة لكي لا أخسر كل شي دفعة واحدة.. كنت قد فقدت الكثير لدرجة لم أعد أريد المواجهة فقد ثقل كاهلي من شدة التعب وفي قلبي غصة لأن أحداً لم يلحظ انطفائي لكن بعد تلك الفترة التي مررت بها أدركت إنني لازلت على قيد الحياة وكأنني فجأة استيقظت من كابوس طويل.. أدركت أن لكل شيء معنى حتى وإن لم نره وأن الكلمة الطيبة حقاً صدقة وأن موقفاً صغيراً لطيفاً قد يصنع يوم أحدهم بالفعل وأن الإنسان مهما لديه من أُناس حوله يحبونه ويحترمونه فليس له سوى ربه ونفسه من بعده وكلما تذكرت تلك الفترة أدركت أن علي أن أصنع سعادتي بنفسي بدأت باتخاذ الكثير من الهوايات.. بدأت أفعل ما أحب بحق وليس مايُحَب أن أقوم به ووضعت أهدافاً لعشرون سنة للأمام.. أتمنى حقاً أن لا أعود لتلك الفترة التي صنعت مني شخصاً آخر
ما بعد الهم إلا الفرج
أظن أن من يصل إلى هذه المرحلة يكون قد عبر أخطر نقطة بالفعل، لأن لحظة الوعي تلك مهما جاءت متأخرة أو مؤلمة تعيد الإنسان إلى نفسه بروح أنضج وقلب أقوى. ليس الجميع يملك الشجاعة ليرى انطفاءه ويعترف به، لكنك فعلت، ثم نهضت وبنيت لنفسك طريقاً جديداً بيديك، وهذا وحده إنجاز يستحق التقدير.
الجميل أن ما خرجتِ به ليس مجرد تعافي، بل فهم عميق لمعنى أن يختار الإنسان نفسه، وأن يصنع سعادته خطوة بخطوة، بهواياته واهتماماته وأهدافه التي تمتد بعيداً نحو المستقبل، وأتمنى لكِ من قلبي أن تبقى تلك المرحلة شاهدة على قوتك لا عبئاً على روحك.
التعليقات