عندما بلغتُ العشرين، بدأت أرى الحياة بوضوح. شعرت بأنني أواجه العالم الخارجي، وهذه المرة لا مهرب منه. بعد فترة قصيرة، لن يكون هناك جدار الوالدين لتحتمي به، بل عليك أن تبني جدارك الخاص.
لن يكون هناك بيت دافئ، وطعام جاهز، وجوّ عائلي ينتظرك… بل عليك أن تصنع كل ذلك بنفسك.
في هذا العمر تحديدًا، تدرك أنك لم تعد صغيرًا كما كنت. لم تعد مقيّدًا تحلم بالحرية، بل أصبحت طليقًا تبحث عن الانتماء من جديد.
لكن الأصعب من كل ما سبق، هو أنك لا تعرف **كيف** تحقق كل هذا…
كيف ستنجح؟
كيف ستبني مستقبلك؟
كيف ستصنع لنفسك مكانًا وانتماءً؟
غالبًا ما تجد نفسك تائهًا، بلا أجوبة لمعظم أسئلتك…
والعالم لا ينتظرك، بل يتوقّع منك أن تكون جاهزًا، حاضرًا، و"تعرف ما تفعل".
لكن…
كيف للطفل الذي بدأ لتوّه في المشي أن يعرف كيف يركض؟
لماذا يتجاهل الجميع هذه المرحلة؟
لماذا لا يعترف أحد بصعوبة العشرينات؟
مع أنهم كلهم مرّوا منها، وواجهوا نفس التيه، نفس الخوف، نفس الضغط…
لكنهم الآن يلومون من بدأ لتوّه، ويُحمّلونه مسؤولية فشله، و"تأخّره"، وقلة الحلول، وكأنهم لم يكونوا يومًا مثله.
لهذا السبب، قررت أن أزيح الضباب عن أفكار شباب العشرينات:
أنتم **لستم تائهين**، ولا فاشلين، ولا متأخرين.
أنتم في المكان الصحيح، وفي الوقت الصحيح.
ما تمرّون به اليوم هو مرحلة ضرورية من مسيرة الحياة.
هي التي تكشف لكم جوهركم الحقيقي، وهي التي تطرح عليكم تلك الأسئلة العميقة التي ستقودكم لفهم أنفسكم، وتوجيه حياتكم حسب مهاراتكم، هواياتكم، وذاتكم.
فلا بأس إن تراجعتم قليلًا…
لأن التراجع في بعض الأحيان، هو ما يمنحكم دفعة أقوى نحو الأمام.
التعليقات