مرحبًا بك قارئي العزيز، عُدتُ بعد ضغط دراسي ونفسي أعتقد أنه أخف الآن أشكر الله، وها أنا أقص عليك من تجاربي شيئًا أود رأيك به، لذا أنصت لهمس كلماتي رجاءًا؛ فإذا تحدثت بصوت أعلى فستجد هيكلي المتهالك إنهار....
بدأ الأمر من سنة، كنت في عامي الأول من تلك المرحلة التي كانت مجهولة المعالم لي وقتها: حياتي الجامعية...
بعد ما قارب الأسبوع على أختياري قسمي وأنتظامي في الحضور وجدت بعضًا من زميلاتي في الدراسة يتقربن مني، فلم أمانع؛ وما المانع من تكوين صداقات؟! ظننت أني لن أجد أصدقاء وإن وجدت لن يكون بتلك السرعة! ولكن يبدو أني شخصية إجتماعية بحق! لم أكتفي بصديقة أو أثنتان؛ فمع بداية الأسبوع الثاني بدأت بتكوين مجموعة أكبر ومساعدة باقي زميلاتي في التعرف على بعضهن أيضًا، بالطبع أفعل ما أعتدت فعله: المساعدة وقبول الآخر مهما كان....
ومن ضمن زميلاتي كانت هناك إحداهن رأت بي من الغموض ما أثار فضولها نحوي، مع العلم بأني كالكتاب المفتوح للكل ليس لي أسرار حتى وإن كان فليست بالكبيرة، على كلٍ، قررت الإقتراب مني هي الأخرى، وفجأة وجدتها تكتب لي أثناء طلبها لبعض المحاضرات مني أن نكون أصدقاء، أجبتها بالطبع، مثلها كباقي زميلاتي، أعطيتها مكانة بين الأصدقاء، وكان هنا خطأي أعترف ولا أنكر هذا....
لأكون صادقة معكم لم أمانع صداقة أي أحد من قبل، كما ذكرت أقبل الجميع ولا أستطيع رفض أحدًا، ويبدو أن هذا ما تسبب بتصدع هيكلي الذي أمسى متهالكًا...
وكأنها أخذت موافقتي إشارة لإقتحام دُنيايّ؛ كضيف أستغل فتحك لبابك وأقتحم المنزل جلس وأخذ يُصدر الأوامر، قام وبدأ بالتجوال في أنحاء المكان ودخل أماكن ليس مسموح بوجوده بها، بينما أنت لازلت أمام بابك لم تتعافي من صدمة إقتحامه منزلك بعد!....
بدأت بالدخول لي كل يوم من بدايته، فأجدها على نحو الثامنة صباحًا تقريبًا تُرسل لي للإطمئنان على أحوالي، وتوقظني من نومي لتسأل عن أشياء يمكن تأجيلها!، حسنًا لا أمانع سؤالها ولكن ليس في ساعة كتلك بالطبع!، ثم تسأل عن تفاصيل يومي وروتيني المعتاد!، وتستاء مني عندما أتأخر في الرد ورغم تبريري لها بأني أذهب وأتي من الخارج في المواعيد التي ترسل لي بها وأن لي من الظروف ما يجبرني على التأخر عنها إلا أنها تريد وقتي كاملًا عند التحدث!، وما هو أكبر الأسرار في حياتي ولا يعرفه عني أحد!!، بالتأكيد إذا كان هناك سرًا بهذا الحجم ولا يعلمه غيري فهل سأبوح به لكِ!!
أرجوا ألا تكون مللت قارئي، أنها البداية بعد!
ما رأيكم أن نطلق على تلك الفتاة اسمًا حتى لا تتشتتوا مني؟، لندعوها "ريم"...
دعوني أصفها لكم، ريم فتاة عمرها الآن تسعة عشر عامًا، جسدها حجمه مقبول نسبيًا _ليست سمينة للدرجة هذا ما أقصد_، سبق وأن عانت من صديقاتها جسديًا بسبب آلام نفسية؛ أدى ذلك إلى تحليلها لكل كلمة وفعل يصدر من أي شخص لترى ما المكنون وراءه....
والآن أكمل لك القصة، أصبح لي مجموعة من الأصدقاء من ضمنهم "ريم" أجلس معهم دائمًا، أقتربنا من بعضنا البعض تعرفنا على طبيعة كل منا وتشاركنا ميولنا، اتجاهاتنا، أهدافنا حتى بعضًا من آلامنا، كنت _بخلاف ما ذكرت عن إحساسي تجاه ريم_ سعيدة بتلك الصداقة وزادت سعادتي عندما وجدت من كنت أبحث عنها بالإسم "تينا"؛ أتضح أننا متشابهتين بدرجة كبيرة كدنا أن نكون جسدًا بروح واحدة، فأطلقنا على أثنتانا لقب التوأم وكل من يرانا معًا يُصدِّق على هذا اللقب بالفعل؛ فلسنا شبيهات بالشكل فحسب ولكن في الشخصيات والطبائع أيضًا؛ فأدخلتها مجموعتي تلك وعرفتها على باقي أفرادها وأصبحت رسميًا فردًا منها، إلى أن جاء يومًا وبدأت تلك المجموعة _المتكونة من خمسة أفراد_ بالتشقق وكانت "ريم" السبب....
كان كل خلاف عبارة عن سوء فهم من "ريم" لنبرة صوت أو كلمة مننا، فتسببت بعناد وخروج الفتاتين اللاتي كن معي أنا وتينا وريم، فلم يتبقي سوانا نحن الثلاثة، أصبحت تطالبني بالحكم من المخطئ ومن المصيب بكل موقف يقع بين الفتاتين بعد ذلك، فكان دومًا ردي: "ليس من طبيعتي الحكم على أحد، أنا صديقتك وصديقتها، وكل منكما فهمت الأخرى بشكل خاطئء"، كنت دومًا على الحياد لست على جانب أحدًا وهي تطالبني بأخذ جانب الآن!!!
وحدث في يوم أنها ساءت فهم تعاملي معها وشبهتني بمن تسبب لها بأذي موجع، وأني مليئة بالعُقد وأخرج نِتَاج هذا عليها!!!
وعندما أخذت أشرح لها حقيقة موقف ما بينها وبين فتاة من اللاتي كن معنا وأنها لم تقصد إهانتها في موقف ما؛ هي فقط تحدثت بنية جيدة بل كان حديثها بعيدًا كل البعد عن إثارة أي خلاف، ترجمت كلماتي على أني أقف مع تلك الفتاة ضدها، وأن ثقتها بي كُسِرَت، فأمست تبكي دمًا ونقلت لوالدتها صورة عني بما فهمت جعلت والدتها التي كانت تحبني تخبرها أن يكون كلامها معي رسميًا فقط!!!
وفي كل خلاف بيننا أعود معتذرة حتى لا أخسرها ومحاولة مني من التخلص من المشكلة التى لم أفتعلها بالأساس!، فأتفاجئ بها تضع لي حدود وأن لي من الفرص واحدة أخرى!، ولأنها تمتلك القلب الطيب ولحبها لربها أولًا ثم لي ستسامحني! حقًا أخبروني أرأيتم قبلًا صاحب قلب طيب يقول هذا ؟!!!
داومت الفترة المنصرمة على سؤال ذاتي، هل أنا بهذا القبح حقًا؟! هل حقًا أنا الجانية؟! إذًا لما لم يرى سواها هذا؟! آلمني جدًا استخدامها لما خبَّرتها بِه يومًا حتى وإن لم يكن أسرار ويعرفه عني الكل وتسميته عُقدًا ضدي، أثبتت لي حقًا أن طعنة الغدر تكون مما حسبتهم قريبين للقلب!
قررت يومًا مواجهتها كما تفعل هي معي بكل جراءة وأريحية ولكن لم أقوى على التنفيذ؛ لعلمي أولًا بما عانته سابقًا فخفت أن يحدث لها شيئًا بسببي عند المواجهة فأكون السبب فعلًا حينها، وإن حدث هذا سأحترق بداخلي نادمة على حديثي المقرر هذا، ولأني ثانيًا لم أواجه من قبل كنت دائمًا أصمت لأتفادي تضخيم الأمور كما أني من الشخصيات الحساسة التي تبكي مع أبسط الأشياء أرهن أني سأبدأ بالبكاء قبل حديثي!
لذا قلت سأضع حدودًا، أصبحت أحدثها إذا طلبت مني شيئًا فقط، ولا أخبِّر عني المزيد حتى لا أطعن ثانيًا؛ فلم أتعافى من الأولى بالأساس، أشعر كما لو كنت محاصرة بزاوية يُسحب مني الهواء فأختنق، حقًا أحتضر داخلي بهدوء مُميت.......
والآن قارئي إن حدث وكنت مكاني بشخصية كاللتي أمتلكها ماذا ستفعل؟ قد أحطُكَ علمًا بكل شيء، أرجو ألا تحكم على ريم أعلم ما عانت وكان سببًا فيما تفعل، لكن لا طاقة لي على تحمل أنا الذنب ولا أعلم ماذا أفعل؟!!
التعليقات