مرت سنة على إنهائي وإجتيازي للخدمة العسكرية وأردت اليوم أن أشارككم تجربتي البسيطة هذه.

في بداية شهر جانفي 2019 إستخرجت إستدعاء الخدمة الوطنية. بدأت بإستشارة الشباب في الفايسبوك ماذا آخذ معي، وما أحتاجه من ألبسة وأدوات خلال هذه الفترة.

جهزت حقيبتي وأوراقي، وفي صباح يوم 17 جانفي 2019، ودعت الوالدة أطال الله في عمرها سائلاً إياها الدعاء بالتوفيق والسداد، وودعت إخوتي وبقية أفراد العائلة وأصدقاء الحي. ركبت السيارة مع الوالد حفظه الله متجهاً إلى محطة البرية لنقل المسافرين، ودعته بعناق حار وقبلة على الرأس. ثم ركبت الحافلة متوجهاً إلى المركز الذي سأقضي فيه فترة التدريب.

من بين اكثر من 250 شاب من المستدعين، كنت من ضمن ال100 المقبولين لتأدية الواجب الوطني.

كانت فترة التدريبات العسكرية (حوالي 90 يوماً) صعبة نوعاً ما، خاصةً كنا في منطقة باردة وفي فصل الشتاء. لكن لم يكن المجهود البدني هو الصعب، بل القضية كلها تتعلق بالمعنويات والحالة النفسية للفرد.

الحمد لله قضينا أيام رائعةً مع الشباب، رغم البعد عن العائلة، البرد ومشاق التدريب، ولكن "الأومبيونس"، الضحك، والمرح دائماً حاضر في مجلسنا وقعدتنا.

وصراحةً هذا مايميز الحياة العسكرية، فالتجربة الإنسانية التي ستخوضها هي ماسيشكل أكبر إستفادة في حياتك. فهناك ستلتقي بأشخاص من مختلف المناطق، العقليات، الطبقات، العادات والتقاليد، وهذا ماسيسمح لك بتوسيع دائرة معارفك، تنمية إدراكك، والقدرة على إتخاذ قرارات مهمة في حياتك.

بعد إنقضاء فترة التدريب، يتم تحويل كل فرد إلى مكان عمله (ثكنة عسكرية)، وهنا تبدأ مرحلة العمل العسكري مع التأكيد على الإنضباط، الإحترام المتبادل بين الأفراد، والإلتزام بالقوانين العسكرية.

في هذه المرحلة بدأت بإكتشاف الجزائر الواسعة والجميلة، التعرف على عادات وتقاليد جديدة، ملاقاة أشخاص أكثر من رائعين على المستوى الشخصي والمعرفي والأهم من ذلك هو أنك كل يوم تصنع ذكريات جديدة وجميلة ولحظات مستحيل تنساها طوال حياتك.

وصدقوني إن قلت لكم إن رفقاء الخدمة العسكرية.. ليس لهم مثيل ^^

عموماً كانت هذه تجربتي بشكل مختصر جداً، وأنصح كل شاب جزائري مازال يتجنب الخدمة العسكرية وليس له سبب مقنع (دراسة، عمل، مرض، زواج) لاتضيع وقتك وروح فوتها وديرها تجربة.

وتبقى الحياة عبارة عن تجارب.. الأهم هو أن نتعلم أن نستفيد منها لأن قيمتك تتوقف على حجم استفادتك من هذه التجارب.