كيف تدير فريق العمل عندما يكون الأعضاء في عدة بلدان أو أماكن متباعدة حيث يصعب الاجتماع على أرض الواقع
وماهي التطبيقات المستخدمة التي تسهل طريقة التواصل وتوزيع المهام ؟
اسعد الله اوقاتك يا صديقى.
بخصوص الايميل. دعنى ابدأ هكذا, عليك ان تنظر للايميل على انه اكثر من وسيلة تواصل. سوف تحتاج مستقبلا للدخول للايميل, كن على يقين بأنك سوف تلعب دور المحقق كونان فى يوم ما. عملك على ادارة الفريق يعنى عملك على ادارة البشر بخيرهم و شرهم, و البشر هم البشر. العمل فى مجال التقنية يعرفك بأشخاص اذكياء, طيبون و اصحاب طباع هادئة, لا تدع هذا يخدعك فهم بشر لهم شياطين تؤزهم. صفتى المراوغة و الكذب سيطلان عليك بخجل اثناء رحلتك و عليك التعامل معهما بحسم. لذلك قد تحتاج ان تدخل الايميل. ثم ان الايميل احد الاصول التى يجب ان تمتلكها فأنت لا تضمن ان يبقى اكس فى فريقك الى الابد و بكل تأكيد لا تريد نفس الشخص بعد خمسة سنوات فى نفس المكان ان كنت تفكرا جادا فى انشاء نشاط تجارى وليس القيام بأنشطه فقط.
امتلاكك للايميل الخاص بك هو احد الوسائل و التى لو امتلكتها تجعلك تبدؤ فى نظر موظفيك جادا. تخيل معى انك تعلن فى الجريده عن وظائف شاغره ثم تعقد الانترفيوا للمتقدمين فى مقهى و تخبرهم بأن عليهم العمل فى المبيعات معتمدين على سياراتهم و هواتفهم الشخصية و عندما يعقدون صفقة عليهم ان يأتو للمقهى لمناقشة الامور الماديه. كم من المتقدمين سيظنك جادا؟ الامر اسؤ من ذلك فى العالم الافتراضى, فأنت تحتاج ان تبسط التحكم و لا اعنى التسلط هنا ولكن يجب ان يكون هناك تحكم و يجب ان يحس الجميع بأنك لا تشاركهم افكارك و احلامك و انما انت رجل مؤوسس و تقدم لهم كل الوسائل. الامر سايكولجى؟ نعم هو كذلك ايضا. يجب ان تكون لديك وسايل تقدمها و تحرمهم منها, يجب ان يحسوا بأنهم تحت المراقبه و ليسو احرارا كما ولدتهم امهاتهم فيما يخص اعمالك. بعض المؤوسسات تخبرك عند الاتصال بهم بأن المكالمة قد تسجل لاغراض التدريب, هل تعتقد بأن للامر علاقة بالتدريب فقط؟ حسنا للتسليه ايضا و للتهديد المبطن ايضا. خلاصة الامر انت لا تستطيع التحكم فيما لا تملك و امتلاكك للايميل ليس مهم فقط بل ضرورى و لو لا خوفى من الاطالة على القراء لذكرت لك مية موقف و موقف تعرضنا له خلال سبعة عشر عام من العمل الافتراضى, اغلبها مضحك لكنه خطر للغاية ان كنت جادا.
الايميل احدى تلك الامور التى لن يصفق لك احدا لامتلاكك لها و لن يتصل احدهم ليقول لك اود ان اشكرك فنظام الايميل يعمل اليوم بشكل ممتاز, لكن بكل تأكيد فأنك سوف تواجه الف مصيبة فى اليوم الذى يتوقف عنه الايميل عن العمل و الادهى عندما يعمل بطريقة غير مرغوب فيها, و هذا ما يسميه جيفرى موور بالكونتكست. اشياء لا يجب التهاون معها و لن تنال عليها جزاء ولا شكورا و لكن ويحك و الويل لك لو انها خرجت عن الطوع. انت تحتاج التحكم حتى لا تبكى فيما بعد. اتظننى هرمت عل فاضى؟
بخصوص ادارة الفريق و الملتى تاسكينق.
عندنا فى السودان مثل يقول ركاب سرجين وقاع. اى ان من يحاول ان يركب على اكثر من سرج مصيره الوقوع و وقاع هنا صيغة مبالغه. هذا المثل اللعين كثيرا ما تردد على لسان جدى رحمة الله عليه, العجيب ان الرجل كان متزوج من اربعة نسوة, حسنا اعتقد ان من الوقاحه بما كان ان اتكلم بهذه الطريقه فعفوا لى عافك الله, لكن ما اردت ان اقوله هو ان عليك ان تفكر بعقليه لاعب الاكروبات , حاول بطريقة ما ان لا تفقأ عين احدهم.
حسنا دعنى احاول التحدث بجديه اكثر. انت تريد ان تدير فريق عن بعد و ان تعمل و ان تدرس. فكر هكذا, هل بأمكانك ان تدير فريق بسهوله وهم يجلسون امامك و فى نفس الوقت ان تعمل فى امور تطلب الصمت لفترات طويلة و الغياب عن كوكب الارض لتعود من جديد و تدرس؟ لا اعنى التثبيط , ارجوك لا تفهمنى هكذا, لكن ما اعنيه ان عليك ان تدرك ان الامر ليس سهلا ولا يعنى مستحيل.
المقدرة على القيام بشىء لا يعنى اجادته و حتى اجادة الشىء لا تعنى انك قد حققت ما تريد ان لم يكن ما تريد واضح امامك. اذا عليك ان تحدد هدفك اولا, يجب ان يكون ما تريد الوصول اليه واضحا امامك, لا اعنى الاحلام الورديه. ما اعنيه مثلا انا اريد ان انشىء عملا عن طريق الانترنيت و احتاج فريقا بمواصفات خاصه اى تكن, سعر او خبرات او غيره, و هذا الفريق لا يمكن ان يعمل الا اون لاين لاسباب تعددها و بالتالى احتاج منسق و مدير فريق, احتاج مدير مشاريع و احتاج مسوؤل مبيعات, المهم ان تعدد من تحتاج و بعد ان تحصر ما تحتاجه و تجد المبررات لاختياراتك تعكف على عمل خطة عمليات.
دعنى اعود بك لجفرى موور, حسب نظرية الرجل فأن هناك مهام تعرف بالكور و مهام تعرف بالكونتكست تحدثنا عن الاخيرة سابقا الا ان المهم هو الكور.
الكور هى المهام التى تحدد عملك و التى تجعلك تصنع مكانا لنفسك.
مثلا فالنفترض ان عملك هو انشاء برمجيات, ( طول بالك معاى) هل تعتقد بأن جودة البرمجه هو ما سيجعلك متميز بين منافسيك؟ هل هى سرعة الاداء؟ هل هى الشريحة التى تخدمها برامجك ام للموضوع علاقة بنوع المشاكل التى تحلها برمجياتك؟ و المجال يتسع هنا للاستمرار.
خذ هذه, هل تعتقد بأن ويندوز افضل البرامج التشغيليه؟ سوف اتكفل بالاجابه عنك, بالتأكيد لا. اذا لماذا نجد هذا الانتشار غير المسبوق لويندوز على حساب منافسيها؟ الاجابه هى الكور. نعم فعبقرية بيل قيتس لا تكمن فى انه خلق قنوات التوزيع المهولة فقط و انما تكمن فى معرفته بدقة لما يريد و بالتالى استطاع ان يقسم ال 24 ساعة التى تصنع يومه على حسب حوجته دون اهمال شىء آخر.
اذا الادراك الحقيقى لما تريد سوف يسهل عليك متاعب نصف الطريق. الآن خذ هذه منى, تخيل ان ميكانيكى اراد ان يجمع عدد من الميكانيكيين للقيام بعمل تجارى فى مجالهم. اين تعتقد بأنهم سوف يصلون؟
انت تحتاج الآخر, انت تحتاج الشق غير التقنى يا عزيزى, فقد تستطيع ان تدير الامور لدرجة معينه لكنها قريبا ستصبح كابوسك الاكبر و سوف تجد نفسك حايرا بين كيفية اقتطاع الاوقات و توزيعها و بين حياتك المفترضة كبشر طبيعى غير غريب الاطوار. انا لا امزح هنا, فقد درج اصدقائى و زملائى ايام بداياتى بنعتى بالاشعث الاغبر, وهكذا كنت, و كثيرا ما انتهى بى الامر للاتصال بأحدهم لاخراجى من مركز الشرطة فقط لاننى خرجت لاحضر الخبز. ان تكون اسود و عربى و مسلم كث اللحية اشعث الشعر و مصاب بالذهول ليست بالامر الهين فى بلاد الخواجه, و هذا ما جنته على عبقريتى الفذه و التشبث بعقيدتى القتاليه التى تنص على اننى سوبر مان و استطيع ان افعل كل شىء بمفردى.
فى احدى الايام ذهبت الى الطبيب لان شىء ما فى ظهرى يؤلمنى و كان هذا الطبيب صديقا لى, اخذ الرجل ينظر لى بصمت و انا اتحدث عن موقع الالم و اوقات اشتداده ثم نهض و ربت على كتفى وهو يقول, يبدو ان يدا جديده تنبت فى مؤاخرة ظهرك انك تتحول الى اخطبوط يا صديقى, يا زول حا تموت.
ساعتها فقط اعترفت بأننى بشر طبيعى و كان على الاتصال بذلك الشاب الانيق خفيف الرأس الذى لا ادرى حتى اليوم ماذا كان يدرس فى الجامعة فالرجل لا يكف عن التحدث عن انواع السيارات و الساعات و كيف ان الشقراوات اغبى من بقية الثديات. كنت دائما انظر له بتقزز, لكنى فى ذلك اليوم قررت ان اتصل به و عندما حضر احسست اننى اريد ان اقع فى احضانه و اجهش بالبكاء. تم تعيين الشاب مديرا لا ادرى مديرا لما لكنى كنت مستعدا لاى شىء عدى ان تنبت يدا جديده من ظهرى و قد كان امر الله على يد هذا المتخصص. تغيرت حياتى و اكتشفت امورا لم اكن اعرفها عن نفسى.
هذه قصتى مع محاولاتى البائسة لاكتساب صفة الاخطبوط, على قولة اهلنا المصرين ادى الخبز لخبازه. حاول يا صديقى ان تعدد تخصصات فريقك, ما اكسبك المقدره على تكوين فريق لن يضن عليك بأضافة تخصص آخر لهذا الفريق. على اسؤ الفروض حاول ان تتحول لاخطبوب لفترة وجيزه و بأدراك تام انك الآن تنتمى لفصيلة الرخويات الرقميه. لا تدع الامر يتحول لاسلوب حياة.
اعتذر عن الاطاله لكنكم هيجتم ذكريات ولو لا ان صغيرتى ايمى تهدد بأن تضرم النار فى البيت فى حال لم أأخذها للنزهة لتحدثت اكثر.
التعليقات