كم مرة دخلت إلى موقع إلكتروني لشراء منتج معين، لكنك وجدت نفسك تضيف إلى سلتك أشياء لم تخطط لها؟ أو شعرت أنك اتخذت قرارًا استثماريًا بحكمة، لكنك لاحقًا اكتشفت أنك كنت تسير وفق مخطط غير مرئي؟ هذا ليس صدفة، بل هو نتيجة لاستراتيجية مدروسة تُعرف بـ "التأثير النشط" (Nudging)، وهي إحدى أدوات الاقتصاد السلوكي التي تدفعك نحو خيارات محددة دون أن تشعر أنك مُسيّر.

الشركات اليوم لا تبيعك منتجات فقط، بل تبيعك الإحساس بأنك اتخذت القرار بنفسك، بينما هي من قادتك إليه. العروض المحدودة بوقت، التصاميم التي تبرز خيارًا معينًا، الإشعارات التي تخبرك أن "80% من العملاء اختاروا هذا المنتج"، كلها وسائل مصممة لإعادة برمجة سلوكك الشرائي والاستثماري. إنها لا تأمرك مباشرة، بل تضعك في إطار يجعلك ترى خيارًا معينًا كالأكثر منطقية.

في بعض الحالات، يُستخدم هذا الأسلوب لمصلحتك، مثل تشجيعك على الادخار أو اختيار طعام صحي، لكنه في كثير من الأحيان يُصمم لزيادة أرباح الشركات على حساب قراراتك الواعية. وبينما تدافع بعض الجهات عن هذه الممارسات باعتبارها توجيه ذكي، يراها آخرون تلاعب مقنع يضع المستهلك في موقع ضعيف.

ما مدى أخلاقية هذه الممارسات هل يختلف الحكم الأخلاقي عليها بحسب الهدف منها، أم أن أي تدخل غير معلن في قرارات الأفراد يظل إشكالية بغض النظر عن النوايا؟