غالبا ما ننظر إلى التركيز المستمر على أنه الحل لتحقيق إنتاجية أعلى، ونرى في التشتت عدوًا يجب القضاء عليه بكل الوسائل الممكنة. لكن قرأت مقال على أحد المواقع المختصة والتي تناولت ذلك بشكل مختلف، إذ أشارت إلى أن التشتت ليس دائمًا أمرًا سلبيًا، بل قد يكون فرصة للتفكير الإبداعي وحل المشكلات بطرق غير تقليدية. فعندما ننتقل من حالة التركيز الكامل إلى حالة شرود ذهني بسيط، يبدأ العقل في ربط الأفكار ببعضها البعض، حتى غير مترابطة، وهذا يسهل وصولنا لحلول وأفكار جديدة.
ولكي أوضح الأمر بصورة عملية، فغالبًا ما نجد أنفسنا أمام مشكلة عالقة لا نستطيع حلها مهما حاولنا التركيز عليها بشكل مباشر، ثم بمجرد أن نبتعد عنها قليلًا، سواء أثناء المشي أو حتى أثناء القيام بمهمة روتينية نجد أن الحل قد قفز إلى أذهاننا فجأة، وكأن العقل كان يعمل على الحل في الخلفية بينما كنا منشغلين بشيء آخر. هذا النوع من التشتت، الذي يسمح للعقل بالتنقل بحرية بين الأفكار دون ضغط أو رقابة، هو في الحقيقة أحد أدوات التفكير الإبداعي، إذا أُحسن استثماره.
ورغم أن هذه النظرة للتشتت تبدو منطقية ومدعومة علميًا، إلا أنني أجد أن تطبيقها في الحياة اليومية ليس بالسهولة المتوقعة، خاصة في بيئات العمل التي تُقدّس الانشغال الدائم وتربط الإنتاجية بعدد ساعات التركيز المباشر. وهذا يدفعني للتساؤل، كيف يمكننا إعادة تشكيل ثقافة العمل بحيث تحتفي بلحظات التشتت الإبداعي بدلًا من اعتبارها إهدارًا للوقت؟
التعليقات