المظاهر والانطباعات يمكن إعتبارها أمور مألوفة وليست بالجديدة، نتعرض لتأثيراتها بشكل يومي. وغالب الوقت، يلعب المظهر الخارجي دورًا أكبر مما يجب في توجيه قراراتنا، فإلتماس نهج تقليد الأثرياءفي لباسهم وتصرفاتهم لا يجعل منك شخصا ثريا لكن يجعلك تبدو ثريا، ففي معضم الوقت يحكم الناس على ما يرون لا على حقيقة الأمر، فما مدى صحة ذلك؟

إذا تحدثنا عن المظاهر فنحن سنتحدث عن الإنطباع الأول مالذي قد تراه في رجل برتدي بدلة راقية ولديه تسريحة شعر جميلة، قد يكون رائد أعمال، حارس شخصي، أحد أصحاب الأموال أو موظف يبحث عن عمل...، لنفترض أنه نفس الشخص لكن يركب سيارة فارهة هنا قد نميل إلى أن يكون من أصحاب الأموال، لكن من قد يفكر بأنه غير ذلك، كأن يكون أحد الأشخاص الذين يستعيرون الملابس ويستأجرون السيارات لسبب أو لآخر، يرى معضمنا أن الإنطباع الأول أحد الوسائل القوية في التأثير على قراراتنا. هل حقًا يُعتمد على تسريحة الشعر الأنيقة أو البدلة المكلفة لتحديد ما نحن عليه؟

في كثير من الأحيان، نجد أنفسنا نتخذ قرارات بناءً على مظهر الشخص بدلاً من مهاراته الحقيقية. كما أنه في المجالس أو المناسبات الاجتماعية، تكتسب المظاهر قدرا أكبر. فقد يتم يختار أحدهم التقرب إلى شخص من عدمه استنادا إلى مظهره الخارجي.

نلاحظ هذا الأمر والذي يحدث بكثرة في البيئة الأكثر وحشيه والتي قد يضطر أحدنا في العديد من المرات إلى التعامل مع كائنات تندهش من قدرتها على مقاومة الانقراض ، نعم أتحدث عن بيئة العمل أين قد تؤثر المظاهر على فرص الترقية أو حتى الحصول على وظيفة. فهل يجب أن تقاس الكفاءة بالمظهر؟ والإجابة بكل بساطة لا، ولكن الواقع يُظهر عكس ذلك.

يضطر مسؤولي الموارد البشرية إلى التركيز على الإنطباع الأول حيث قد يتم رفض العديد من المتقدمين في الدقائق الأولى من المقابلة، كما يوجد مسؤولين يفضلون العمل او توظيف أشخاص يشبهونهم في المظهر وطريقة التفكير وما هو المقياس في نظرك؟ الإنطباع الأول، وإذا كانوا غير محظوظين وأضطروا للتعامل مع أشخاص يختلفون عنهم ففي غالب الوقت سيحاولون فرض طرقهم وهذا ما يظهر بكثرة من جانب الموظفين القدامى.

نميل في غالب الوقت إلى لأشخاص المشابهين لنا أو الذين يبدون للوهلة الأولى أحسن منا بالإعتماد على النهج الأسهل، يشبهي إذا يمكن أن أعتبره حليف. أملا في تواجد لاحتمالية تشابه طرق التفكير، فلو كان أحدهم مغتربا عن بلاده فسيكون مسرورا بلقاء أحد أبناء وطنه أو حتى إحد يشيه في الشكل أو على الأقل أحدهم يتحدث بلغة يفهمها، أو كما يقول مثلنا الشعبي "دابنا ولا عود الناس",[1]

في أحد المرات عندما كنت طالبا في الجامعة مررت على أحد الأشخاص برتدي ملابس لا توحي أصلا بأنه من الجامعة يبدو كم إنتهى من تخزين الخضار في شاحنة، ليتتضح لي فيما بعد أنه بروفيسور في الديناميكية الحرارية ومسؤول عن قسم الأمن الصناعي، "جوهرة في نص الوحل".

وكما سأذكر لكم حدثا آخر مشابه حصل لي عندما كنت مهندس في الصحة والسلامة الصناعية والببيئة،حيث قادني التفتيش الدوري إلى جهاز تصفية المياه المستعملة وفي حديث مع أحد العمال المتواجدين هناك ضنا مني أنه عامل يدوي ليتضح انه التقني المسؤول عن الآلة لكن مظهره لا يوحي بذلك(لا اقصد ان أكون عنصريا، ففي بيئة العمل قد تجد تلك الظاهرة بحيث يختلف الإهتمام بالمظهر بإختلاف مركزك في السلم الوظيفي، فقد يكون العامل غالب الوقت معرض للغبار وتمزق ملابس العمل عكس بعض الإداريين الذين لا يخرجون من المكتب ودائمي الإنشغال بالإجتماعات وأخذ الصور، وهذا ما قد يكون عرفا في الشركة لا بالضرورة قانون )، وهذا ما يأخذنا لما يعرف بالصورة النمطية.

فإلى متى سنستمر في الحكم على الآخرين من خلال تسريحات شعرهم أو ملابسهم، أم سنبدأ في النظر إلى ما هو أعمق من ذلك؟

________________________________

إضافة:

[1] بمعنى قوله نختار حمارنا ولا نختار حصان غيرنا

الصورة من موقع pixabay