"تحرّك سريعًا واكسر الأشياء". و "إما أن تحلّق للسماء عاليًا أو عُد لمنزلك". هما فكرتين مختصرتين تعبّران عن ثقافة سيليكون فالي بما يخص ريادة الأعمال. وبما أنّها ( ريادة الأعمال) أبعد ما تكون عن المنطق الرياضي أي 1+1=2، بل تخضع لمنطق التجارب أي لكل تجربةِ قاعدة خاصّة، فلن يكون من الممكن يومًا تعريف ريادة الأعمال إنمّا وصفها. فريادة الأعمال وبكل بساطة تتّسم بالمخاطرة والإبداع والتفكير خارج الصندوق. وأمّا التجارة ،وهي القائمة على الشكل التقليدي للمشاريع والاستثمارات ، فإنّها لا تتهم بالإبداع أبدًا بل تضع الربحيّة كغايتها الأولى والأخيرة.

وبين التجارة وريادة الأعمال فقد لفتتني تجربة العم فادي والعم سمير. فالعم فادي ،وهو أشهر التجّار في المنطقة، يعمل كتاجر أقمشة ويسافر بين الحين والآخر إلى الهند لاستيراد أجود الأقمشة. لا جديد في مشروعه أبدًا بل هو ببساطة يشبه اي متجر أقمشة في البلد ولكنه يحقق أرباحًا ضخمة وله سمعة طيبة يدين لها بها جميع أهالي المنطقة. يعترف العم فادي أنّه لا يحب المغامرة وأخذ المخاطر إلّا بالحالات الضرورية. ولذلك تراه عند نزول نوع أو موديل قماش جديد يضع رأسمالًا متواضعًا لتجريب البضاعة خوفًا من عدم ملاقتها القبول لدى الزبائن. وبالرغم من حديثه عن مصلحة الزبون أوّلًا وأخيرًا، إلّا أنّه يضع تحقيق أقصى ربح ممكن أوّلًا وأخيرًا وبكافّة الوسائل المتاحة.

وأمّا بالنسبة للعم سمير، وهو المعروف بإبداعه وابتكاره، فإنّه أحد أبرز روّاد الأعمال في مجال الألبسة. فعلى النقيض من محلّات الألبسة التقليدية التي تضج بها البلد، فإنّه افتتح مشروعًا لبيع الألسبة الأوروبية على أساس الكيلو. ولهذه الغاية فقد قسّم متجره الضخم إلى قسمين: قسم ال Premium وقسم العروضات. يعتبر العم سمير أنّ الحياة بدون مخاطرة لا طعم لها ولذلك فهو غالبًا ما يقوم بالاستثمار بمبالغ ضخمة لشراء بضاعة جديدة وأمّا جلّ همّه فهو البقاء رقم واحد بين منافسيه على النقيض من العم فادي الذي يضع الربح أوّلًا.

ومن هنا وبرأيكم، أيّهما تفضّل أن تكون تاجر أم رائد أعمال؟ وهل يمكن الجمع بين التجارة وريادة الأعمال في استثمار واحد أم أنّ هذا غير ممكن؟