في أحد المرات وبينما كنت أحضر عرض تقديمي للشركة التي أعمل فيها للحصول على التمويل من إحدى الجهات، وصلت إلى تلك المرحلة التي اصطدمت فيها أفكاري بحائط مغلق لا نفاذ من خلاله. انقطع حبل أفكاري ولم يعد بإمكاني أن أكمل العمل على نفس الشاكلة. وبما أنني مهووسة بالكمال، فقد ألغيت جميع العمل السابق وأعدت العمل من جديد وكأن شيئا لم يكن. لدى معرفة صاحب العمل بما حصل معي قال لي" الهوس بالكمال ما هو إلا تضييع للوقت والموارد المتاحة."

إلا أنني فكرت بكلامه مليا فكانت النتيجة: ما المشكلة في الهوس بالكمال؟

فبعد أن أنجزت العمل من جديد، حققت نتائجا أفضل مما كان يمكن أن أحصل عليه في العمل السابق إذ أنني التزمت هذه المرة بالمطلوب أكثر.ففي المرة الأولى كانت معاييري في تقييم العرض الذي أقدمه كالآتي:

  • عمل يرضي صاحب العمل
  • عرض يأسر ويحصل على انتباه الممول

في المرة الثانية التي أعدت فيها المشروع أضفت معايير آخرى نتيجة اهتمامي هذه المرة بالتفاصيل أكثر:

  • إيجاز التقدم الذي حققته الشركة خلال السنوات الماضية
  • عرض العوامل التي تشجع الممول على المضي قدما( مثل اعتمادنا الحوكمة منذ 3 سنوات)
  • إبراز مهارة العنصر البشري في شركتنا في إدارة القسم المالي بفعالية (مثلا من خلال عرض كفاءات وإنجازات الموظفين)
  • عرض ما سيحققه التمويل من فارق على مستوى الشركة وذلك عبر دراسة تفصل هذا الأمر بوضوح

وبالفعل فقد حصلنا على التمويل المطلوب نتيجة ممارسة مهارة الإقناع بنجاح عبر العرض التقديمي.

واليوم ازددت قناعتي أن الهوس بالتفاصيل والكمال قد يحمل الكثير من النقاط الإيجابية فصرت أعتمده كنهج في عملي.

وماذا عنكم، هل تؤيدون فكرة الهوس بالتفاصيل والكمال؟ أم أنكم تفضلون العمل الجيد إيمانا منكم أن لا سبيل لبلوغ الكمال؟