هذه هي العبارة المتناقضة التي نرددها من باب السخرية, إذ يُجهّز الشاب حديث التخرج ملفه الغني بالشهادات والتداريب الخلابة ليصطدم بإعلانات مناصب شغل تشترط خبرة عمل, وتفاصيل تعجيزية أخرى.

يجب أن يكون المتقدم للعمل حاصلا على شهادة الدكتوراه بالتخصص, وخبرة عمل لا تقل عن عشر سنوات وألا يتجاوز عمره 25 سنة, وبملامح وجه اغريقية.

حسن! أظن أنني بالغت بالمثال قليلا!

إن سوق العمل كأي سوق ينطبق عليه منطق العرض والطلب, فطلبات العمل بالخبرات المطولة التي يضعها أرباب العمل ماكانت لتوضع لو لم يكن أحد يلقى متقدمين للعمل يحققون تلك الشروط, ثم إن الشركات ليست بمؤسسات خيرية تسعى لتوظيف الشباب العاطل عن العمل في سبيل بناء قصر بالجنة بل في سبيل بناء عمارة بالحياة الدنيا يرثها الورثة بعد الممات.

فقط لنضع أنفسنا مكانهم, أنا وأنت لدينا مشروع ونريد له أن يعانق عنان السماء ونحتاج لكاتبة, فتقدمت عدة فتيات بسيرهن الذاتية, ماذا سنختار؟ فتاة مرتبكة متخرجة البارحة من الجامعة بلا خبرات؟ أم فتاة بخبرة خمس سنوات عمل ككاتبة بشركة مرموقة؟

ما العمل إذن بالنسبة للشباب المتخرج حديثا؟ كيف يمكن اكتساب الخبرات المهنية؟

لا أدري! ربما يمكن ذلك عن طريق طرق باب الشركات والمشاريع الحديثة أيضا والتي لا قدرة مالية لها لتوظيف أصحاب الخبرات المطولة, فقانون العرض والطلب ينطبق على الطرفين.

فأنا وأنت بمشروعنا بعد أن قبلنا توظيف الفتاة ذات خبرة خمس سنوات بشركة كبرى ككاتبة جلست لتسألنا عن الراتب فأخبرناها بالراتب المقترح, فنظرت لنا شزرا وضحكت بسخرية, ثم حملت حقيبتها التي يفوق ثمنها راتبي وراتبك من فوق الطاولة وانصرفت...بعد ذلك اضطررنا للاتصال بالفتاة المرتبكة التي تخرجت البارحة وأخبرناها بالراتب المقترح فنطت فرحا وتعثرت وكادت أن تدق عنقها أرضا من شدة السعادة.

  • أهمية الجرائد الرسمية:

بعيدا عن السخافة! من بين الطرق التي قد تنفع المتخرجين الجدد الباحثين عن عمل, هو ملاحقة الشركات الحديثة, فهي بالعادة تكون بقدرات مالية متوسطة أو حتى ضعيفة وربما بديون وتكون قدرتها على صرف الرواتب محدودة, تدفع القدرات المالية المحدودة الشركات الحديثة لصرف الحد الأدنى من الرواتب الذي قد لا يكون جذابا للباحثين عن العمل من ذوي الخبرات, كما أن بعض الشركات الحديثة الكبرى قد تحتاج لعدد كبير من الموظفين لانطلاقها مما يصعب عملية إيجاد كم هائل من طالبي العمل من أصحاب الخبرات.

الجرائد الرسمية هي وثيقة حكومية تصدر بشكل دوري تتضمن شقا يتعلق بالقرارات الحكومية وشقا إداريا وقانونيا....ومن بين النشرات بالجريدة الرسمية نشرة خاصة بالشركات المستحدثة, فكل شركة يتم نشر خبر إنشائها بالجريدة الرسمية حال إنتهاء أوراقها القانونية حتى قبل بدئ النشاط.

يمكن تحميل أغلب الجرائد الرسمية بالدول العربية مجانا من المواقع الحكومية أو شرائها بثمن رمزي, ومن تم مراسلة الشركات الناشئة وبعث السير الذاتية والطلبات التحفيزية لها, إن عديدا من أصحاب المشاريع الجدد يجدون صعوبة في العثور على موظفين, لذا فرص القبول للتوظيف تكون أفضل مقارنة مع الشركات العريقة.

(إن كان لا ينشر خبر إنشاء الشركات بالجرائد الرسمية ببلدك فاذكر لنا المصدر الخاص بكم للإفادة)

  • وظائف الجمعيات غير الربحية:

من بين الأمور التي قد يجهلها البعض أن الجمعيات غير الربحية تحتاج لموظفين أيضا لإدارتها أو للقيام ببعض المهام المسنودة والتي تكون بمقابل مادي عن طريق عقد, بعض الجمعيات والتي تتلقى دعما ماليا للقيام بمشروع قد تجد صعوبة بالغة في إيجاد أشخاص مناسبين للقيام بالعمل.

أنشأت رفقة بعض أصدقائي جمعية غير ربحية وتقدمنا بمشروع للجهات المختصة التي وافقت على تقديم دعم للمشروع يمتد لسنة, وقد واجهتنا صعوبة بالغة في إيجاد أفراد يقبلون العمل هذه المدة المؤقتة, حيث أن أغلبية أصحاب الخبرات طلبوا راتبا يفوق الميزانية المقدمة, لذا اقترحت اللجوء لمجموعة فيسبوكية خاصة بالعاطلين عن العمل وقد وجدت إقبالا مكثفا من طرفهم.

وبالتالي إن كنت باحثا عن عمل سواء كان دائما أو مؤقتا أو خبرات لإغناء مهاراتك وسيرتك, فقد تكون الجمعيات غير الربحية خيارا أيضا, ويمكنك أن تبعث بسيرك الذاتية للجمعيات التي تتلقى دعما والتي قد تراسلك في حال احتياجها لخدماتك.

وأنت عزيزي القارئ ماهي تجاربك بهذا الخصوص؟ وما الخطوات الأخرى التي يمكن أن تساعد المتخرجين الجدد الباحثين عن العمل؟