منذ أن عرف الإنسان التجارة، أقرّ بأن الحرف اليدوية هي واحدة من أكبر المهن وأهمها، حيث أنه استطاع من خلال جمع مجموعة من الخامات وضمّها إلى بعضها البعض أن يوجد منتجًا جديدًا باستخدامات جديدة، ممّا يخدم حركة التجارة بشكل كبير. وبعد سنوات لا تحصى، وفي عصر التجارة الإلكترونية الذي نعيشه الآن، لم يتخلَ الإنسان عن مبدأ التصنيع من خلال المواد الخام، وتدشين صناعات لا تعد في مجالات الإنتاج والاستهلاك تعتمد على الصناعة والتجارة بصورها التي نعرفها جميعًا.

لكن في إطار التطور الصناعي المهول الذي نعاصره هذه الأيام، طرأت علينا الآلات بشتّى استخداماتها، والمعدّات الثقيلة بكل ما تميّزت به من تطور وتكنولوجيا علمية غير مسبوقة، ممّا دفع العديد من الحرف والصناعات اليدوية إلى الاندثار.

موت بعض الحرف اليدوية بسبب الطفرة التكنولوجية:

على سبيل المثال، لا يمكننا اليوم أن نصادف في الطريق أحد صانعي الأحذية الذين اعتدنا مشاهدتهم في الأعمال الدرامية. لماذا؟ لأن التكنولوجيا والتطور الصناعي الذي وهبنا الآلات المعاصرة قد منحنا أفضلية كبيرة في تصنيع الأحذية، وهو ما أدرى إلى اندثار حرفية يدوية مهمة مثل حرفة صناعة الأحذية بتنفيذ يدوي.

في ذلك الإطار، ربما يتنبّا العديد منّا بأن تنتهي الحرف اليدوية التي ما زالت قائمة اليوم إلى المصير نفسه، وأن نذهب بعيدًا عن الصناعات اليدوية البشرية بشكل نهائي إلى عالم مؤتمت يتم صناعة الصغيرة والكبيرة فيه من خلال الآلات والذكاء الاصطناعي.

مشروع قائم على الحرف اليدوية.. هل يمكن ذلك؟

وعليه، فإنني بالرغم من ولعي الشديد بصناعة الحقائب المصنوعة يدويًا، وبالرغم من هوسي الشديد بتصميماتها المختلفة وطرزها التي تصمّم على اليد، فإنني متخوف للغاية من فكرة العمل على مشروع قائم على حرفة يدوية بشكل عام، وذلك نظرًا لأنني أخشى أن يصاب المجال الذي أقصده بذلك الاندثار الذي أشرت إليه، لذلك أرجو منكم أن تشاركوني آراءكم حول احتمالية نجاح مشروع كهذا، وحول مسألة تدشين مشروع ناشئ قائم على حرفة يدوية في عصرنا الحالي بشكل عام.