تقول الإحصائيات أن 90% من الشركات الناشئة تضطر لإعلان إفلاسها في العام الأول، وتشير أخرى إلى أن هذا العدد يرتفع إلى 98%، وأن أغلب الشركات التي تجتاز العام الأول تفشل في تخطي حاجز الخمس سنوات، في وقت ما تزال الدول تستحدث وزارات وقوانين لمرافقة هذه المشاريع، جنبا إلى جنب مع ارتفاع عدد المستثمرين الملائكة، الذين يصرون على دفع مبالغ هائلة لدعم المؤسسات الواعدة.

بغض النظر عن العقبات التي تواجه مثل هذه المشاريع، بدا لي من خلال تجربتي في تغطية أخبارها أن الفاشلة منها تتشابه في أمر يتكرر بشكل مضحك، وهو الانطلاق في المشاريع دون إنشاء نموذج مبدئي للمنتوج أو الخدمة قبل إطلاق الشركة، مما يجعل رائد الأعمال غير متأكد بنسبة نجاح منتجه.

أحد الشباب من مسيري أحد الشركات اتصل بي مرة ليريني "ابتكاره الثوري" والذي يتمثل في تطبيق، يتيح من خلاله للمستخدم أن يبلغ عن مكان متوفر لركن السيارة عند استعداده لمغادرة ذلك المكان، وبالتالي يأتي مستخدم آخر لركن سيارته فيه.. قلت له بأنه مشروع ممتاز وكنت متأكدا من العكس، ثم إنني لم أسمع عنه مجددا خلال ثلاث سنوات.

مشروع آخر قابلته صاحبه في معرض يتمثل في تطبيق "ذو فكرة مبتكرة"، يعتمد على تصوير السائقين لبث مباشر لرحلاتهم، من أجل تعريف السائقين الآخرين بحالة الطريق.. لا داعلي للقول إنني لم أسمع عنه مجددا هو الآخر!

أعلم أن هذين المثالين كانا غريبين، غير أن هناك أمثلة عديدة لمشاريع قد تبدو مفيدة على الورق لكن لا أحد يستعملها في الواقع، سواء لأنها تصلح في مجتمعات أخرى غير المجتمع الذي طرحت فيه، أو لأن هنالك عقبات تقنية لا يمكن تجاوزها في المنطقة المراد استهدافها، أو لأن الحاجة منها تم تضخيمها من طرف رائد الأعمال نفسه، لكنها في الحقيقة لا تفيده إلا هو.

أعتقد أنه من الضروري إنشاء نسخة تجريبية من المنتوج كخطوة أولية، وطرحها على عينة من الزبائن لإبداء رأيهم فيها، مع الالتزام بنوع من السرية لتفادي سرقة الفكرة من طرف المنافسين، ولا يتم إنشاء شركة إلا اعتمادا على مدى ترحيب الزبائن بالفكرة، وهذا كفيل بتخفيف التكاليف والضغط واحتمالية الفشل.