لم أجد عنواناً أكثر مناسبةً لمساهمتي من هذا العنوان الهزلي، شاهدت فيديو لأحدهم منذ أيام يتحدث فيه عن النظام المدرسيّ ويذمّه بشدة عجيبة وينتقد كل شيئ فيه بكل ما أوتي من قوة، ولَعَمري لو قال أننا نحتاج إلى إصلاح النظام المدرسي وتطويره - خصوصاً في بلداننا العربية ـ لما اختلف معه أحد ولكنت من أول مؤيديه ولكنك تجده ينتقد أموراً في غاية السذاجة مثل انتقاده لبس الطلاب لزيّ موحّد أو طلب المدرسين من الطلبة رفع أيديهم قبل التحدث، وأنا شخصياً لا أعرف ما المشكل في هذا؟ وهل سمع صاحبنا من قبل عن شيئ اسمه نظام أم أنه وأمثاله يريدون الفصل المدرسي بلا ضابط ولا رابط؟، ثم تجد العبقرية تتجلى حين ينتقد تشكيل المدرسين لحصيلتك المعرفية وأنهم يملئون إدراكك-الورقة البيضاء كما يقول- بما يشاؤون مثلما يفعل والدَيك منذ ولادتك، وأنا لا أعلم حقيقةً كيف يكتسب أحدنا إدراكه للأوليّات بدون أن يمر بهذه المراحل أم أن المطلوب من أحدنا أن ينزل من بطن أمه وهو يفاضل معادلات الدرجة الرابعة؟!، ثم يورد هذا السيناريو الطوباوي بأن المعلومات اليوم هي أسهل شيئ يمكنك الوصول إليه وبضغطة زر يمكنك أن تعلم كل شيئ وبلا بلا...ولا يدري هذا المغوار أن هذا الخطاب هو السبب في ظهور جيل من المتعالمين الذين يظن كل منهم بأنه علامة زمانه، لا بباعه الطويل في العلم ولكن بباقة الانترنت اللامحدودة، ولا يفرقون بين طالب العلم حقاً الذي تلقّى العلم من أهله وترقّى في طلبه حتى صار له مَلَكةً ثم يزداد نموّا بالبحث والاطلاع والمراجعة والتدبّر، وبين المتعالمين الذين إن فصلت عنهم الانترنت فلن تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزا، ناهيك عن أن عزيمته لن تسعفه أن يكمل الطريق وحده وعن شعوره بالاغتراب بين أقرانه وبالدونيّة أحياناً وعن العقبات التي تواجه من لم يكمل تعليمه الدراسي خصوصاً في مجتمعاتنا وينتهي به المآل غالباً إلى اللاشيئ فلا هو أكمل مساره الأكاديمي ولا تعلّم وحده كما كان يزعم، ولا تحدثني من فضلك عن فلان الذي نجح هنا أو علاّن الذي برعَ هناك بدون مسار أكاديمي فالنوادر لا حكم لها، لا أدري هل أنا غريب هنا أم أن هناك من يشاركني الرأي؟، وإن اختلفت معي، ما وجه الاختلاف؟ هل ترى بأن الأولى هدم النظام بأكمله أم محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه؟ ... شاركونا يا أحباب

ملحوظة : أنا أتحدث بحرقة نتيجة تجربة مررت بها بسبب انخداعي بمثل هذا الخطاب وأضعت سنين من عمري إلا أنّي تداركت الأمر في اللحظات الأخيرة ولله الحمد، لكني أهدف فقط إلى أن أطرح تجربتي علّ أحدهم أن يسمع الرأي الآخر قبل أن يأخذ قراره، هذا طبعاً بالإضافة لانتظار مناقشاتكم رجاء الاستفادة.