تبدأ من الغد بداية أول امتحان للثانوية العامة في فلسطين، و هي نهاية ما يقدمه الطالب في مسيرته التعليمية، مجموع علامات الطالب في هذه الإمتحانات هو ما يؤهله للإنخراط بالتخصص الجامعي الذي يريده.

قد تعرف هذه الإمتحانات بإسم البكالوريا أو التوجيهي في دول أخرى، و لتعرفوا كم الإهتمام بهذه الإمتحانات سأحاول أن أعطيكم لمحة مختصرة قدر الإمكان عنها..

بداية، و مع بداية العام الدراسي للطلاب، تكون بدايتهم باكرة أكثر من الطلاب في المراحل الثانية، فطلاب البكالوريا عادة ما يكون لديهم حصص إضافية قبل بداية الدوام الرسمي، أو حصص مسائية بعد نهاية الدوام ( و منهم من يلجأ لدورات تقوية و دروس خصوصية بمبالغ خيالية) ، تكون الحصص عادة دسمة ولا مجال لتضييع الوقت فيها، لإن الفصل ينتهي أبكر من باقي المراحل بشهر و نصف تقريباً، و تكون بعدها بداية الإمتحانات التجريبية، و هي إمتحانات تعقد في المدرسة و يصححها المدرس نفسه و لا تحتسب في العلامة النهائية، ولا تكون أكثر من وسيلة تهيئة للطالب للإمتحان النهائي، بعد نهاية الإمتحانات التجريبية تتوقف الدراسة لشهر تقريباً في المدرسة للطلاب إلا إذا ارتأى المعلم أن يتطوع بمزيد من الحصص لتقويتهم، بالطبع هذا الشهر ليس سوى استعداد لإمتحانات وزارة التربية و التعليم التي تحتسب منها العلامة لاحقاً..

يوزع الطلاب على المدارس (غير مدرسة الطالب) وفق نظام بطاقة الطالب، حيث يعطى كل طالب بطاقة عليها رقم تسلسي و بياناته الشخصية، تكون أقرب للهوية الشخصية، و من ثم يوزع الطلاب على القاعات وفق هذه البطاقات، تكون هناك بطاقة مماثلة ملصقة بمكان جلوس الطالب، هذه الوسيلة تجعل من المستحيل أن يقوم الطالب بتغيير مكانه من تلقاء نفسه..بطبيعة الحال يدقق المارقب في البطاقة التي مع الطالب و مكان جلوسه قبل أي إمتحان..

أما المراقبين، فيتم توزيعهم عشوائياً عللى المدارس، و يتم تغيير المراقبين على القاعة كل يوم، و في كل قاعة يوجد مراقبين على الأٌقل، ولا يسمح لأي مراقب أن يعمل إذا كان لديه قريب درجة أولى يقدم الإمتحانات حتى لو لم يكن في نفس قاعة الإمتحان..غير مسموح أيضاً أن تجلس (تباااااااً لهم) و لا أن يكون الهاتف بحوزتك أو أن تتحدث مع الطلاب أو المراقب الثاني إلا للضرورة..

تكون الأسئلة منتقاة ضمن برنامج محدد و من ضمن عدد من المقترحات و يتم تجهيزها و طباعتها ووضعها ضمن مغلفين مغلقين، مشمعين بالشمع الأحمر و مختومين بختم الوزارة، و يتم فتح هذا المغلف كل مرة في قاعة حتى يضمن يؤكدوا للطلاب أن الأسئلة غير مسربة.

كذلك يكون هناك دفتر مخصص للإجابة، يتكون من عدة أوراق، مختوم و عليه بيانات الطالب، للدفتر مغلفان في زاوية كل مغلف تكتب بيانات الطالب و بعد أن يسلم الدفتر للمراقب تثنى الزاوية و تصمغ و لا يتم فتحها إلا عند رصد العلامة النهائية.

بعد أن يسلم جميع الطلاب، تدقق الأعداد و توضع في ظرف كبير مختوم عليه تواقيع جميع المراقبين و يرسل لمراكز التصحيح، في مراكز التصحيح يتواجد مدرسين لنفس المادة التي امتحن بها الطلاب، يصحح الإمتحان مرتين، و تجمع العلامات للتدقيق ثلاث مرات قبل الإعلان عنها نهائياً و اعتمادها بشكل رسمي.

الإعلان يكون ضمن مؤتمر صحفي، و بعدها تذاع النتائج في الراديو و التلفاز و جميع وسائل الإعلام الممكنة..و تحتل الجريدة كميات هائلة من التهنئة بالنجاح لمدة شهر...على الأٌقل!


أعتقد أنني نسيت كم كبير من التفاصيل، و لكن لديكم فكرة عن كمية الإهتمام الكبير و الضغط النفسي المريع في هذه الفترة، و بما أن الجميع لا يتمتعون بنفس الظروف النفسية و الصحية تتنوع ردات الفعل في حدتها..بين الإغماء، نوبات هلع، محاولات إيذاء الذات و محاولات إنتحار و منهم من ينهي حياته فعلياً لأجل نتيجة البكالوريا.

يبدو للأسف أن هذا الضغط مرده لأسباب خاطئة تعامل الإمتحان كأساس للتوفيق و النجاح في سوق العمل، أو تعامله خطأ على أنه إمتحان ذكاء (و إن كانت تلك ليست بذات الأهمية أيضاً)...خاصة أن الإعلان عن النتائج يكون علني في الجرائد المحلية..

تكمن المشكلة في تحديد العلامة النهائية لقبول الطلبة في التخصصات الجامعية، خاصة إذا كان للطالب ميول معينة يعلق عليها آماله و حصل على علامة لا تؤهله للتخصص الذي يريد..

رأيي الشخصي، هذه الإمتحانات هراء كبير..ولا تقيس قدرة الطالب على أهليته لدراسة تخصص معين، و لو كان الأمر بيدي لقصرت الموضوع على إمتحان قبول الجامعة، مع الأخذ بعين الإعتبار جدية الطالب و علاماته في المواد التي تصب في صميم التخصص فقط.

حسناً...ما الذي يدور في بلدانكم/ و بالكم حول هذا الخصوص؟