كمعلمة لاحظت تراجعاً ملحوظاً في سلوك الطلاب على مر السنوات، حيث أصبحوا يتفوهون بألفاظ بذيئة وغير لائقة داخل الفصل وخارجه، مع القيام بسلوكيات غير مناسبة داخل الفصل، في البداية كنت أعتقد أن السبب يعود إلى الإهمال الأسري، ولكن مع مرور الوقت بدأت أدرك أن البيئة المحيطة بالطلاب تلعب دوراً كبيراً في هذا التراجع أيضاً، الأصدقاء، وسائل الإعلام، والمجتمع بشكل عام يشكلون جزءاً مهماً من التجربة التي يمر بها الطالب. فهل تعتقدون أن الإهمال الأسري أم البيئة المحيطة هي السبب وراء هذا التراجع؟
الإهمال الأسري أم البيئة المحيطة، ما السبب وراء تراجع سلوك الطلاب في المدارس؟
أظن أن الأطفال في تلك المرحلة العمرية هم أقرب ما يكونون للإسفنجة، حيث يمتصون كل شيء موجود في البيئة المحيطة بهم دون أي فلترة لأنهم لم يكونوا قواعد ثابتة لما هو صواب وما هو خطأ، لذلك فالبيئة المحيطة هي العامل الرئيسي لما نشهده من وجهة نظري، لكن كون الأطفال يتأثرون بالبيئة المحيطة ويقلدونها تقليدا أعمى هو أحد مساوئ الإهمال الأسري، حيث أن دور الأسرة عند فساد البيئة هو حماية أطفالهم من آثارها، لذلك فمن الممكن القول بأن كلا العاملين مرتبطين ببعض
المشكلة تكمن في اتساع دائرة الفساد البيئي وتأثيرها على مختلف جوانب الحياة، مما يجعل دور الأسرة أكثر تحديًا في حماية أطفالهم، فالأسرة رغم أهميتها في توفير الدعم العاطفي والتوجيه، قد تجد نفسها في مواجهة بيئة ملوثة فكريًا واجتماعيًا، حيث يصعب عزل الأطفال عن المؤثرات السلبية المحيطة.
هذا صحيح تمامًا، فالأسرة أصبحت تواجه ضغوطًا أكبر في ظل الانفتاح التكنولوجي والتغيرات الاجتماعية المتسارعة. البيئة الملوثة فكريًا واجتماعيًا تضعف قدرة الأسرة على حماية أطفالها، خاصة مع انتشار المحتوى الضار والتأثيرات السلبية التي يصعب حجبها تمامًا.
لكن رغم هذا، الأسرة تظل الحصن الأول. تعزيز الحوار المفتوح مع الأطفال، وتربيتهم على القيم الأخلاقية بطريقة مقنعة ومنطقية، قد يكون أكثر فعالية من محاولة العزل التام. أيضًا، التوجيه نحو التفكير النقدي يساعد الأطفال على التمييز بين الصحيح والخاطئ في خضم هذه الفوضى.
الحل قد لا يكون في العزلة بل في التمكين، إذ يمكن للأسرة أن تركز على بناء شخصيات واعية ومستقلة قادرة على مواجهة المؤثرات الخارجية بثقة ورؤية.
التعليقات