طلب مني اليوم، أن أقف أمام الطلاب الجدد، لأنصحهم في مسيرتهم الدراسية، و أن أرشد الطلاب كيف يصبح لديهم الحافز ليصبحوا الأوائل في تخصصاتهم. لكن ما قمت بالحديث عنه كان عكس توقعاتهم، و حتى توقعاتي!

قلت للطلاب: أن تصبح الأول على التخصص لا يعني أنك مميز، انتبه أنّ هنالك آلاف الجامعات التي تخرّج ملايين الأوائل، تميزك يأتي من مهاراتك، و خبراتك، و ثقافتك، و حضورك. ثم تطرقت إلى أمر الثقافة، و أهمية اللغة الأعجمية لكي تتعرف على ثقافات و تتسع آفاقك و ليس لمجرد العلوم. و أشرت أنّ واحدة من أهم الأمور هي الكتب.

مما نقلني لأن أفكر، لما وجِدت الجامعة؟ فكرة الجامعة وجدت من فكرة المكاتب التي وجدت أثناء الدولة العباسية و الأموية. حيث كانوا بحاجة إلى مكان يجتمع به المعارف ليرقى بالمستوى الفكري و المعيشي لدى الشعب. و تقرب أهل العلم من بلاط الحاكم بشكل كبير حتى أصبح الكاتب، و المترجم، و العالم، و الطبيب ، و المهندس، من أكثر الناس رفاهية و سلطة. 

في ذلك الوقت كان هنالك حاجة ماسّة جدًا لأهل العلم، لكن هذه المرة يجب أن يكن ضمن ضوابط معينة، لذلك من النادر أن تجد الشخص المناسب في ذلك الوقت. فجاءت فكرة أن يكن هنالك مجمع علمي يعطي الضوابط الصحيحة للعلم و العلم الأساسي. حتى عرف بعد ذلك بالجامعة.

المشكلة في هذا الوقت، أن التعليم الجامعي أصبح استغلال. و هو جدًا مكلف، اذ أن دراسة الهندسة تكلف بين 30-40 ألف دينار أردني، و غير تكاليف السكن و المصاريف. بالمقابل معدل الرواتب في الأردن هو 350-400 دينار كل شهر. قس على ذلك التعليم في الولايات المتحدة و التي من الممكن أن تكلف بين 50-100 ألف دولار. لكن ما الفائدة اذا كانت معدل الرواتب قليلة مقارنة بالرسوم الجامعية؟ لماذا يجب أن أدفع ما قد يكلفني ثروة سنين؟ و لو أنني اعتمدت على نفسي في الدراسة لكان أقل كلفة و أكتسب خبرة من عملي خارج الجامعة. 

الجامعة تعتبر الشئء الأساسي لكي تثبت أنك تمتلك المعرفة الأساسية في تخصص معين. وللأسف لن تتمكن من الحصول على الوظيفة اذا لم تملك شهادة. و لكي تملك شهادة تحتاج الى دفع مبالغ طائلة من المال (اذا لم تمتلك منحة). و تتفاجئ عند المقابلة أنهم يتوقعون منك مهارات لم تتعلمها من الجامعة، و سنين خبرة لم تقدر على تحصيلها، لذلك ما المشكلة؟

وأنت....هل استفدت من شهادتك الجامعية؟ أم ترى أن هذه الشهادة مجرد ورقة لا تؤتي أكلها؟