القراءة هي البداية لكل شيء وهي كذلك النهاية، فكل شيء كان حروفا وكلماتٍ قد وصل إلينا عن طريق القراءة. القراءة هي عماد لكل الثقافات وهي البداية لكل الحضارات فما من مملكة أو امبراطورية أو دولة إلا ازدهرت ونشطت بالقراءة، وتسابقت الأمم لإثراء دور القراءة والكتابة في بناء مجتمعاتها. والقراءة أيضاً هي سلاح خطير يهدم الأمم والعقائد عن طريق التأثير السلبي والتدمير الذاتي. أقبلت بعض الجماعات والسلطات في شتى الأزمنة على غرس مفاهيمَ خاطئةٍ وعقائدَ مغشوشةٍ لتفكيك بعض الأمم والثقافات عن طريق نشر المقروءات بين أوساط تلك الأمم مع استخدام الترويج الممنهج لتصل لأكبر عدد ممكن من المؤثرين، وهذا ما يحصل في زماننا الحالي مع المجتمعات العربية والإسلامية التي أصبحت عاداتها وعقائدها مثل العجوز الهزيل الذي يرتكز على عصا منخولة تكاد أن تقع من شدة المؤامرات عليها بعد أن كانت تقود الأمم والبشرية نحو الازدهار في مختلف الأزمنة. أصبح مثقفو المجتمع العربي يروّجون لأفكار ومعتقدات دخيلة ويدمرون الأُسس التي بُنيت عليها ثقافتنا وعقائدنا وهذا بعد أن تأثروا بالكُتّاب والمؤثرين الغربيين أو لنقُل "الغرباء"، فالإلحاد والمثلية الجنسية والانحلال الأخلاقي والعلمنة والتنوير كلها نتائج لتلك المعتقدات الدخيلة. قد يظن البعض أن دور الأسرة والمدرسة هو الأهم في تحول أفكار الشباب المعاصر، هذا صحيح فهذا له الدور الأكبر في هذه النقطة التحولية لحياة الشباب العصرية، ولكن برأيي الدور الأهم لهذه المعضلة هي الكتب التي نقرؤها !!. قد يقوم الوالدان بتشجيع أولادهم على القراءة والدراسة، والمدرس يلقن الطفل العلم والمعرفة ويثري مخزونه العلمي وتستمر العملية حتى يصل الطفل إلى مرحلة المراهقة المتمثّلة بالانفراد الفكري والعزلة المعرفية ويسعى بعدها لتطوير ذاته وتنمية عقله بما يواجهه في حياته، هذه هي نقطة التحول ففي هذه المرحلة تصبح أفكار الطفل المراهق مشتتة ويبحث عن المعرفة ذاتياً عن طريق قراءة الكتب المتنوعة ليغني فضوله عن تلك الأفكار وتتنوع اختياراته وينجذب إلى العناوين المضللة التي تثير فضوله ومن هنا يبدأ التدمير الذاتي لمعتقد الطفل الذي نشأ عليه وتنغرس فيه الأفكار الدخيلة. ولذلك؛ أمة اقرأ يجب ألّا تقرأ ما هب ودب من الكتب والمنشورات ولكن الحكمة في القراءة هي باختيار ما يستحق القراءة، ما يبني العقول وليس ما يدمرها، ما يُستفاد منه وليس ما يُخدع به، ما يحفزك وليس ما يضللك، وكما قال الروائي البريطاني ادوارد لايتون "كن سيد الكتب لا عبدها، اقرأ لتعيش ولاتعش لتقرأ". القراءة هي ذلك البناء العظيم والكُتب هي اللبِنات التي يُرفع بها ذلك الصرح العظيم فإذا فسدت إحدى اللبنات سقط البناء على روؤس عامريه.
"أمة اقرأ يجب ألّا تقرأ !!"
العنوان صادم
ما ذنب الأمة بأكملها ببعض الجاهلين الذي يستوعبون الكتب على حسب أهوائهم !
رغم أن المقصود ليس عدم القراءة المطلق، ولكن العنوان مضلل !
القراءة من أهم وسائل التعلم بشكل عام، مهما حصلت على شهادات عليا تظل القراءة لها جانب مميز من التعلم والتثقيف وتُحدث فارق كبير بين الشخص والأخر .
ما يحدث من مشاكل نتيجة القراءة هي مشاكل فردية لسوء التأسيس العقلي او الشخصي، لذلك في مرحلة المراهقة يجب على الاهل تقديم الدعم لأبنائهم ومشاركتهم الكتب التي يختاروها والمناقشة فيها .
والفكرة ليست في عدم قراءة كل ما هب ودب، بل على العكس يمكن قراءة كل شيء بغض النظر عن التوافق مع الثقافة والمباديء، بشكل عام القراءة هي مجرد اطلاع وليست قناعة، واطلاعك على أي شيء يحتاج لوعي لتتفهمه .
لذلك ما علينا سوى تنمية الوعي والقدرات العقلية ثم نترك الشخص يختار ما يشاء ليقرأ طالما هو يريد القراءة فيه
صحيح، ولكن وعي الأطفال والمراهقين مازال في مرحلة خصبة وقابل للإنجرار بسهولة، فلذلك الدور يقع على ذويهم لتوجيههم واختيار ما يناسبهم في المكان والزمان المناسب.
التعليقات