الإقتصاد و الحسد

أية علاقة؟؟

هذا ليس عنوان نظرية اقتصادية بل فقط موضوع زوبعة أفكار ضمنتها في مشاركتي الأولى هنا مع الأصدقاء ,و سأسعد بارائكم و توجيهاتكم,

الإقتصاد هو مجال علمي رصين تَحكمُه مجموعة قواعد علمية و فرضيات, و الحسد هو إحدى الخصال الشريرة الدفينة في النفس البشرية، و هي أيضا إحدى الخطايا السبع كما يُصنفها المسيحيون, قد يبدو للوهلة الأولى أن الربط يبدو غريبا بين مجال علمي و خصال انسانية تسكن النفس البشرية، لكن لنُحاول :

مؤخرا مررتُ على قولةٍ للمفكر و الاقتصادي الأمريكي H.L.Mencken يقول فيها : "إن الرجل الثري هو من يحصُل على دخل سنوي يزيد بمقدار 100 دولار عن دخل زوج شقيقة زوجته"، ما رمى إليه السيد مينكنبطريقة ساخرة هو أن المهم ليس أن تكون غنيا بل المهم أن تكون ثروتك تفوق ثروة زوج شقيقة زوجتك.

وهنا أسرد دراسة أخرى: حيثُ قد أقام روبرت فرانك استاذ الاقتصاد بجامعة كورنيل مؤلف كتاب "حمى الرفاهية" بدراسة غريبة. ملخصها كالتالي :

سأل مجموعة من النساء " ماذا تحبذين يا سيدتي?هل أن يكون دخلك السنوي 110000 دولار و يكون دخل صديقاتك المقربات 200000 دولار أم تُفضلين أن يكون دخلك 100000 دولار و دخلهن 85000 دولار؟

حسب نتائج الدراسة غالبية النساء موضوع البحث فَضّلنَ الخيار الثاني!! يعني أنهن فضلن أن يكن ماديا أحسن من صديقاتهن ورغم أن الخيار الأول أتاح لهن أن يكن أكثر غنى!!و هذا ما يسمى بالدخل "النسبي", و يمكن أن نسأل سؤالا غير بريء: أي الأمرين يجعل الإنسان أكثر سعادة؟ هل عندما يتحسنُّ وضعهم الإجتماعي أم عندما يقارنون أنفسهم بعائلتهم و أصدقائهم و مقربيهم؟؟؟

ويمكن لأي مدرس أن يقوم بتجربة محاكية حول تنقيط تلامذته, و نسأله عن حجم فرحة تلميذ نجيب عندما يحصل في امتحان على نقطة 18 بمعية 5 تلاميذ آخرين و يقارنها بِحجم فرحته عندما يحصل على نقطة 14 و تكون النقطة الموالية في القسم هي 10 وجل النقط المحصل عليها تكون سيئة. أي فرحة هي الأكبر عند تلميذنا النجيب؟؟ الأولى أم الثانية؟؟

خُذ مثالا آخر يهم بنات حواء، و تخيل معي شابة مدعُوة لحفل زفاف و تدخل صالة العّرس مُبتهجةً و مَزهوّة بتكشيطتها الجديدة (لباس مغربي تقليدي يلبس في الأفراح) ، لكن تصاب فجأة بخيبة أمل و ضِيق تنفس بعد أن تُشاهِد تكشيطات بنات خالتها و تنبهر في رونقها و طرزها البديع هههه...

و هنا تذكرتُ نكتة تلخص مفهوم "الدخل النّسبي" بشكل معبّر : عثر ثلاثة أصدقاء على فانوس سحري و حكوه و خرج مارد سحري و طلب من كل واحد أن يطلب طلبا بشرط أن يحقق لصديقه ما طلب مضاعفا، فطلب الأول طائرة و أخذ صديقه طائرتين، و الثاني طلب قصرا فأخذ صاحبه قصرين، أما ثالثهما فطلب ببرودة دم أن تُفقَأ إحدى عينيه فأصبح صديقه أعمى, و هذا مثال عن نوع فريد من الدخل النسبي و أكثرها سوداوية.