اليوم هو أجازة (لين) من عملها قررت الراحة به، لتستيقظ ناهضة لتفعل روتينها اليومي، تحضر فطورها، وهي في حالة إستمتاع، تحاول بكل ما فيها أن تعيش يومها، لتتناول فطورها، وتبدأ في إنجاز مهام قد تكون أهملتها في الأسبوع الماضي بسبب عملها، لتباشر تنظيف غرفتها، وكتبها، ملابسها، وصوت فيروز في الخلفية يتتبعه صوت الست ملحقًا إياه عقب إنتهائه هذه الفيروزة، ويلحق بهما توشيح أندلسية.

لتنتهي أخيرًا وتصلي صلاة العصر، وتمسك هاتفها كالعادة تتفقده، لم تجد شيء يثير فضولها لتتركه، وتمسك بإحدي الكتب وتلتهمها بعينيها، تشبع عقلها من حكمتها، ولسانها من فصيح كلماتها، لتقطع قراءتها بعد أن إجتازت منتصفه، لتضعه مكانه، وتلبي نداء والدتها لتناول الغداء، لتجلس معهم في جو أسري، وكل منهم يحاول أن لا يفسد هذا الجمع، والسلام النفسي المسيطر عليهم في هذا اليوم، أنهت طعامهم، ولملمت الطعام مساعدة والدتها، وأعدت أكواب الشاي الممزوجة بأوراق النعناع الطازج، وغسلت الأواني ريثما يغلي الشاي، لتخرج به فور غليانه للخارج، موزعة الأكواب، متجهة نحو غرفتها صوب شرفتها تستنشق هوائها العليل، لتستمع إلي صوت هاتفها يعلن عن وصول رسالة، لتتفقده.

كانت الرسالة أشبه برسالة وداع، رسالة ما قبل الإنتحار.

أرسلتها الفتاة راجية (لين) بأن تشاركها الجميع، تشاركهم مشاعرها التي لم تعبر عنها يومًا.

:عزيزي، حبيبي الأولِ

يا من أستشعرت بقربه الحب لأول مرة، وكـ مراهقة سذاجة توغلت بحبك، وصار من الصعب النجاة منه، أري بأن حبي لك لم يكن يومًا، مراهقة، أو مشاعر مختلطة يصعب عليّ فهمها لصغر سني، كم أبغض، وبشدة أن يتصف، ويصنف حبي لك كـ مشاعر زائلة بالنضج.

وبحبي لك عرفت معنى الإشتياق للحبيب لمدة عام وأكثر، وحين تتلاقي الأعين تنطفئ نيران شوقي، وتستعير نيران الحنين، أجل نيران الحنين لذلك اللقاء، الرغبة الُملحة لإطالة لقاء الأعين.

أن أبق بأسوء حالاتي، ولا يهذئ عقلي الباطني ويتلفظ لساني إلا بإسمك.

أن تحتجني مشاعر غير مألوفة كـ مشاعر الهوى أن تظل بعيناي سيد الرجال، وأفضلهم، وإن كانت بك عيوب الخلق أجمع.

لأول مرة دلفت إلي منامي متسربًا إلى رؤياي كمْ سعدت لمرافقتك لي الليالي.

كنت خجلة، طموحة حالمة بتواجدك بالقرب.

سماع صوتك، النظر لعينيك، تفاصيلك،... إلخ.

هذه الأشياء كانت قادرة على بعثرة أنوثتي، وإن كنت بحضور مئة رجل فكنت رجلاً مثلهم إلا بالقرب منك.

مشاركتك المكان، الهواء كانت قادرة على جعلي بخير لحين لقائك الآخر.

كانت الأمور جيدة تسري علي نهج منمقة، مشاعري في غاية الجمال، وإنساقت وراء خرافات أن الحب جميل.

أعلم جيدًا متي شعرت بمشاعر سيئة، شعرت بها حين أستنارت بداخلي مشاعر الغيرة،أكتشفت حينها أن غيرة المحب ما هي إلا نيران تنتظر العاصفة لتزداد إشتعالاً.

كل ما أستشعرته عند غيرتي لم يكن موجعًا بقدر ما أوجعني الكتمان.

أن لا تبوح لا أحد بحبك، أو أنك تغار، كل هذه الأشياء بقت على صدري بهيئة حجر كبير يعيق عملية تنفسك براحة.

مرت الأيام، وشعرت بالرفض من أفعالك، من المواقف، الظروف المحيطة بنا أننا لن نتجتمع يومًا

كل هذا الألم لا يضاهي شعوري، وخيبتي التي أصابت قلبي بإنشاق أدي إلي إتلاف جزء منه حين علمت بوجود أنثي قابعة بثنايا فؤادك.

حينها صفعتني بإهانة، قدمت لك الورود، ورميت لي الأشواك في طريقك، فأصبحت كل خطوة أخطوها في حبك تنقص من طاقتي، صبري، تبلد مشاعري.

أيعقل أن تقارن حبي بحبها؟

ألم أغار في الخفاء؟، ألم أقلق، أشتاق، يختلجني الحنين لرؤياك؟

، شعرت بما شعرت به بل، وكانت مشاعر أكثر وحشية على نياط فؤادي لكتمانها سنوات.

أري بأنني الأحق بك منها، ولكن لفؤادك رأي آخر.

كان عليّ الرحيل، ولا تسألني عن أسباب، لأن الهوي في سبيل عيناك يعرف الجواب.

الطائر المحلق فوق منزلي كان يصطحب إليك الحنين والسلام، ولكن غيمة حبها جعلته يفقد صوب الطريق

كلماتي التي كُتبت على الأوراق، غزلًا، وشجنًا، حنينًا، ألمًا، بكاءًا، وفرحًا، كلمات كُتبت لأجلك وحدك.

لمست قلوب الجميع إلا قلبك لم تخترقه.

أخترت الرحيل بعد أن أكتشفت أن الحب ما هو إلا لعنة، جنون يصيب المرء ويسلمه لهواجس تخبره أن العيب يمكن به، العلة كانت بك، لأنني لم أنتقي بعناية لم أنتقيك لتسكن فؤادي، والقانون لايحمي مغفلاً ليس في الحياة بل في قانون الحب أيضًا.

كانت (لين) في حالة من الخوف،والحزن العارم لمعاناة هذه الفتاة، وإنطباعها الأول المؤلم عن الحب.

أضافت (لين) قائلة:

من المؤسف أن يكون هذا هو إنطباع فتاة، أو فتي مراهق/ة عن الحب، أقدر وبشدة حب المراهق هذا، التي يعد حب نقي، معطيًا بلا حدود في مشاعره، الحب الأول تجربة أولي، على حسب هذه التجربة يرسخ بداخل المراهق هذا الإنطباع الأول عن الحب، والإنطباع الأول من الصعب أن يتغير، أن يثق بأن لا يتألم مرة أخري، أن يؤمن بوجوده، ويقدره.

أتمني أن تكون صاحبة هذه الرسالة بخير، وتقرأ الآن كلماتي هذا التي أشاركها بها حزنها، ألمها، وبكاؤها المنسدل على وجنتيها، أن تتذكر أني بالجوار، أحب الإستماع أكثر من التحدث، وأنها لم تقم بإيذاء نفسها.

شاركت لين متابعينها هذه التجربة.

#الحب_والحبيب_الأولِ

#حكايات_نمنم_لـ30_يوم_غير_كل_يوم

#منة_محجوب

#خواطر #شعر #خربشات #قصائد #كتابات #أدبيات